
الوزارة المصرية الجديدة ..والآمال العريضة
بقلم :
محمد محمود عثمان
تحديات أكيدة وآمال عريضة مع الوزارة المصرية الجديدة ، بعد معاناة اقتصادية لم يشهدها المجتمع منذ عصور بعيدة، فقد تسلمت الوزارة ملفات شديدة السخونة في وقت شديد الحرارة وأبرزها الملف الاقتصادي الشائك التي رحلته الوزارة السابقة ليسلمها بيديه للوزارة الجديدة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء القديم -الجديد بكل أحمالها وخطياها حتى تخفيف الأحمال الكهربائية المستمرة آثارها على الاقتصاد والسياحة وحياة المواطنين والانطباعات السلبية التي تتركها لدى المستثمرين ، وتأثر القرار الاستثماري والوجهة السياحية تجاه مصر، تحت مظلة حرب الأسعار المشتعلة التي تخطت أي سقف في الوزارات السابقة ،و تلهب بنارها المواطنين قبل المُصنعين التي توقفت مصانعهم أو تعثرت في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والوقود ومُدخلات الإنتاج التي يُستورد معظمها إن لم يكن جميعها من الخارج .
لتجد الوزارة الجديدة نفسها على الرغم ما تميزت به من عناصر شابة والحرص على وجود نواب للوزراء والمحافظين -لإعدادهم كصف ثان كنا نفتقده – أمام معضلات اقتصادية جمة أولها : الأوضاع الاقتصادية المتردية محليا وعالميا وتباطؤ النمو وزيادة التضخم
ثانيا : تفاقم الصراعات الإقليمية والدولية ، والحروب التي تحاصر الخريطة الجغرافية المصرية ، وتأثر دخل قناة السويس من جراء مخاطر الملاحة في البحر الأحمر ، وزيادة الإنفاق على الأسلحة تحوطا من حروب غير متوقعة قد تفرض عليها، وتمثل أعباء إضافية تُحول موارد الدولة إلى اقتصاد الحرب
ثالثا : سقف طموحات المواطن الذي يأمل في زيادة الدخل السياحي و تحسين مستوى الخدمات وتعزيز الاستثمار وتشجيع القطاع الخاص ومشاركته في جميع الأنشطة وقيادته للاقتصاد والتنمية في أكبر الأسواق العربية استهلاكا للسلع والمنتجات المُستوردة، بعد أن بلغت الواردات نحو 83.2 مليار دولار، يقابلها صادرات محدودة بلغت 12 مليار دولار، خلال الربع الأول من عام 2024
رابعا : غياب رؤية الأحزاب للإصلاح الاقتصادي لتعبر عن احتياجات وتطلعات الشارع التي يمكن أن تستفيد منها الحكومة
خامسا : كثرة ملفات الفساد المالي والإداري المستشري منذ سنوات والذي ينخُر في عضد الاقتصاد ، ويحتاج إلى الرقابة والمتابعة في ظل الصحافة ووسائل الإعلام التي لا ترى أو تسمع سوى أنه ليس بالإمكان أبدع مما كان
سادسا: عدم القدرة على الاستفادة من الموارد البشرية والطبيعية أو استغلالها بكفاءة لزيادة الإنتاج والصادرات ورفع الإنتاجية، وخفض حجم الديون المتراكمة ، وزيادة المشروعات الجديدة والصناعات الاستراتيجية التي تستوعب البطالة وجحافل الخريجين والباحثين عن عمل، وتُوفر العملات الأجنبية وتكبح جماح الأسعار ، كما أن النجاح في إدارة كل الموارد يضمن عدم تخفيف الأحمال أو انقطاع الكهرباء أو نقص الغاز والدواء
سابعا وأخيرا : مفاجآت التعديل الوزاري الذي ضم وجوها جديدة بعضها قد ينقصها المؤهلات والخبرات التي تطلبها المرحلة وتؤهلهم للانطلاق بالاقتصاد إلى آفاق أرحب تليق بمكانة وقوة مصر الاقتصادية بمواردها الطبيعية والبشرية ،
الأمر الذي يجعلنا نسأل عن أسس ومعايير اختيار الوزراء أو أسباب إعفائهم بعيدا عن القناعات الشخصية أو منظومة أهل الثقة ،التي قد لا تخلو من الأهواء والأخطاء ،خاصة عند اختيار المعنيين بالحقائب الاقتصادية حتى لا نجعل من القطاع الاقتصادي حقلا للتجارب.
وفي هذا الإطار لماذا لا نُؤسس لآليات علمية معلنة لأساليب الاختيار أو الاستغناء عن أصحاب المناصب الكبرى والوزراء والمحافظين تعتمد على القياس المستمر للأداء، ورصد للإنجازات السنوية وماذا تحقق من الخطط والمشروعات الاقتصادية التي وضعتها الحكومة في خططها القومية، لتمثل البرنامج المطلوب الالتزام بتنفيذه كخريطة طريق، على ألا يخلو ذلك من ضوابط الثواب والعقاب عند الإجادة أو الإخفاق ،
وحتى لا يأتي الوزير الجديد ليهدم ما فعله السابقون ويبدأ من الصفر ، بل ليستكمل الخطط الموضوعة سلفا وتطويرها لتواكب المتغيرات والمستجدات العالمية ، حتى يكتمل البُنيان الذي قال فيه قديما الشاعر بشار بن برد :متى يبلغ البُنيان يوما تمامه**** إذا كنت تبني وغيرك يهدمُ
=======================
*mohmeedosman@yahoo.com