أخباررئيس التحرير

عيد العُمال ..بأي حال عُدت يا عيدُ ؟!

محمد محمود عثمان*

تهتم الدول بالاحتفال بعيد العمال في الأول من شهر مايو من كل عام، وهو دليل على تقدير العمال وإن كان ذلك شكليا ، على كل المستويات ، حيث لا نشهد أي مكاسب أو مميزات جديدة للعمال أو تخفيفا من معاناتهم المتجددة في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية ـ حيث لا يستجد جديد مع كل عيد ،ولم ترفع الحكومات الأجور مواكبة مع زيادة التضخم وارتفاع الأسعار وتفاقم المشاكل الاقتصادية في العالم، نتيجة لما عانت منه الدول منذ عامين من جائحة كورونا ، وصولا إلى الحرب الروسية في أوكرانيا، والانعكاس السلبي لذلك على إمدادات الطاقة ومُدخلات الإنتاج والأمن الغذائي، الأمر الذي ساهم في ارتفاع الأسعار ، في ظل غياب السياسات الحكومية الناجحة لمعالجة الأزمات الاقتصادية وتبعاتها، وتدهور أوضاع الاقتصاد الكلى، ونقص أو انعدام الرق ابة على الشركات التي تستغني عن العمال ، وخاصة من الشركات الكبرى مثل أمازون، عملاق التجارة الإلكترونية التي أعلنت عن تسريح 18 ألف وظيفة، و فيس بوك التي تخلت عن 11 ألفا من موظفيها وإلغاء آلاف الوظائف بـ”تويتر” وفي إطار ذلك، أكد مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان ، أنه من المتوقع أن تؤدي الأزمات مجتمعة إلى دفع 75 إلى 95 مليون شخص إضافي إلى الفقر المدقع هذا العام وحده ، مع زيادة معدلات البطالة والباحثين عن عمل ، خاصة في المنطقة العربية ، بعد أن ارتفعت أعداد العمال المتقاعدين والمسرحين عن العمل والتي بلغت ذروتها إبان أزمة وباء كورونا وتوابعها ، ما عرضهم إلى ضغوط التشريد من العمل والحرمان من الأجر، والتعرض للسجن لعدم قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم لسداد القروض البنكية ، وبالأعباء الأسرية بعد زيادة الديون، وتعريضهم لأحوال معيشية ومادية بالغة السوء ،مع زيادة الجرائم في الوقت ذاته ، ومن ثم إصابة المجتمعات بالخلل الاجتماعي ، مع غياب البعد الإنساني ، وأثر ذلك على إنتاج شركات القطاع الخاص وعلى الاقتصاد بشكل عام ،
لأن سوق العمل العربي يفتقد إلى آلية نشطة وفعالة ، لتطوير التشريعات العمالية ، حتى تتواكب مع مستجدات العصر، ولا سيما مع تخلف قوانين العمل العربية وعدم توافقها مع المعايير الدولية في الحقوق والواجبات وحرية العامل في الانتقال إلى عمل آخر ، بعيدا عن القيود التي تفرضها التشريعات التي لم تتخلص من نظام الكفيل المطبق في البلاد العربية دون غيرها من بلاد العالم ،والذي يتعارض من الشرائع ومع حقوق الإنسان ،

في ظل غياب أي دور ملموس من الجهات المسؤولة التابعة لوزارات العمل أو القوى العاملة والهجرة ، أو نقابات العمال المعنية بمشاكل العمل والعمال ، التي لازالت أدوارها هامشية بما تمثله من ديكور في إطار منظومة العمل والإنتاج ، ولا يعدوا اهتمامها سوى تجميل وجه السلطات وعدم الاكتراث الحقيقي بحقوق العمال ومشاكلهم ، الأمر يجعلنا ندعو إلى إنشاء مركز حقوقي أهلي من أجهزة حقوق الإنسان ونقابات المحاميين ، ومن الملحقات العمالية في الدول المستقبلة للعمالة، تكون مهمته الدفاع عن حقوق العمال المسرحين والمفصولين تعسفيا ، وتعويضهم ماديا ،حتى يتم تأهيلهم وتوظيفهم ،والمطالبة بحقوقهم أمام الجهات القضائية ،والتصدي لمخالفات قانون العمل ، ، بما يسهم في الاستقرار ، وتخفيف الاحتقان المجتمعي وتحقيق الأمن الاجتماعي ، حتى يكون ذلك هو الجديد مع احتفالات عيد العمال هذا العام ، حتى لا نظل نردد في كل عيد للعمال مقولة المتنبي ” عيد بأي حال عدت يا عيد : وباعتبار ذلك هو البديل عن المظاهرات العمالية التي تطالب بزيادة الأجور وتكثيف الرعاية العمالية الحكومية والنقابية للعمال، خاصة بعد خروجهم من العمل ،وهذه تحديات كبيرة أمام المنظمات النقابية العمالية ومنظمتي العمل العربية والدولية الغائبة عن المشهد كليا

moheedosman@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى