رئيس التحرير

الدور المفقود للإعلام ..  في معالجة الأزمات الاقتصادية

بقلم:

محمد محمود عثمان  

افتقدنا عمليا الدور المحوري لوسائل الإعلام في عرض ومعالجة الأزمات الاقتصادية منذ أن فقد الإعلام الرؤية  والمنهجية  العلمية تحت بعض قيادات صحفية وإعلامية تفتقد إلى أبسط قواعد فهم وتحليل المعلومات و البيانات والإحصاءات الاقتصادية  ومدلولاتها محليا وعالميا

في ظل  تسليم الزمام لمنصات الكترونية يعمل بها كل من هب ودب ممن لا يملكون العلم او الدراسة أو الخبرة العملية ، على الرغم من انبهار البعض بما يقدموه من رسائل إعلامية  عشوائية مُشوهة-  وإن كانت قد جعلت أنه لم يعد الآن ممكنًا التعتيم أو الصمت الإعلامي أو إخفاء الأخبار والمعلومات حول  أية أزمات مهما تفاوتت في حدتها أو حجمها أو ابتعدت مواقعها-

لأنها تتمتع بالسهولة والسرعة في نقل الأحداث ، التي قد تُشبع نهم وحاجة المُتلقين إلى سرعة معرفة الأحداث في حينها ، ولو بدون روية أو تدقيق أو تمحيص .

ومن المؤسف أن الكثير من الدوائر المسؤولة عن توجيه وإدارة الصحف ووسائل الإعلام وكذلك البعض من العاملين في الوزارات والشركات في الحكومة والقطاع الخاص قد لا يدركون تماما أهمية وجود الصحفي والإعلامي المتخصص في الاقتصاد والمتمرس في النقد والتحليل الاقتصادي باعتباره أداة علمية وأساسية لصنع وفهم الرسالة الإعلامية ومحتواها الاقتصادي وتحديد الفئات المستهدفة ، والتي  يستفيد منها متخذُو القرار، للحد من تطور الأزمات الاقتصادية ومواجهة تأثيراتها على مختلف الأصعدة

خاصة إذا نجحت وسائل الإعلام في تقدير حجم وقوة وتأثير الإعلام المضاد محليًا و خارجيًا، بمشاركة جهات الاختصاص المسئولة عن طبيعة الأزمة

وفي هذا الصدد على الإعلام الذكي أن  يُشير أو يُنوه إلى اقتصاديات الحرب والإضرار التي لحقت بكل الأطراف وفي المقدمة ما حدث  لأطرف الصراع المضاد، وكيف ألحقت الحرب على غزة أضرارا جسيمة باقتصاد إسرائيل، في  مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية ،وإجلاء ما يقارب 250 ألف إسرائيلي من منازلهم من الجنوب والشمال – وهو ما كلف الوزارات الحكومية 6.4 مليارات شيكل (1.8 مليار دولار)، بحسب بيانات وزارة الرفاه والسياحة الإسرائيلية.

وبمرور نصف عام على الحرب يقف الاقتصاد الإسرائيلي أمام مفترق طرق، مع انهيار وشلل شبه تام وخسائر فادحة بقطاع البناء والعقارات، وبالصناعات والزراعة والسياحة الداخلية ،وهذا يتطلب اهتمام الحكومات العربية بهذه المعلومات لبناء قراراتها السياسية على أسس اقتصادية، لأن إسرائيل استفاد ت كثيرا من سيناريو الاعتداءات الإيرانية مسبقة التحضير في كسب الرأي العام الغربي والحصول على المساعدات العسكري والاقتصادية والمعنوي غير المحدودة

وكذلك لأخذ الحذر من محاولات أمريكا ودول الغرب من فرض التطبيع مع إسرائيل مقابل وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الاقتصادية  لها من الدول العربية الغنية بمواردها النفطية لتعويض خسائر الاقتصاد الإسرائيلي .

وأيضا فرض  تعويضات لجيوش  الدول المساندة لإسرائيل بنحو 1.1 مليار دولار نظير ما قدمته من أسلحة وذخائر للجيش الإسرائيلي طوال فترة الحرب

وفي المقابل إغفال أو التغافل عن تعويض الدول  التي جعلت من اقتصادها  اقتصادا للحرب  تحسبا لتوسيع دائر الصراع العسكري على حساب مستوى معيشة المواطن ، وأيضا  المعاناة الإنسانية  ليس في قطاع غزة فقط ، بل وفي  دول الشرق الأوسط وتعثر حركة الشحن والملاحة عبر البحر الأحمر والتخفيضات في إنتاج النفط التي أفضت إلى تفاقم الديون وارتفاع تكاليف الاقتراض

ولا سيما أن  صندوق النقد الدولي أوضح في تقريره إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد استمرار سلسة من التحديات، أولها الإنفاق العسكري الذي يؤثر على  معدلات النمو لاقتصاديات المنطقة

ومن هنا فإن التحرك الإعلامي الخارجي العربي ضروري من خلال الخطاب السياسي و الدبلوماسي على المستوى الخارجي والدولي لمواجهة كل الاحتمالات التي ستتعرض لها  المنطقة في المرحلة المقبلة  .

================

  • mohmeedosman@yahoo.com
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى