
المخاوف الاستثمارية ..والقرارات العشوائية
بقلم :
محمد محمود عثمان
تحديات كبيرة ومخاوف كثيرة تواجه المستثمرين من القرارات العشوائية غير المدروسة التي تؤثر على معنويات السوق ،خاصة إذا كانت متعلقة بالأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وسوق العمل ، لأن أي تعديل أو إلغاء أو حظر للمهن أو الوظائف أو الأنشطة ينعكس مباشرة على تدفق الاستثمارات أو خروجها أو توقفها أو تعثرها ، حتى ولو كانت هذه القرارات لا تتعلق مباشرة بالاستثمار
وأكثر المخاوف تكمن من الخوف من سيطرة النظم غير الديمقراطية التي قد لا تلزم بالقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية أو الاتفاقيات التجارية ، وتخلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتشكل عائقا أساسيا في طريق التنمية، بما يضر بالاستثمار والاقتصاد ،وتعوق تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وتجبر المستثمر المحلى على الانسحاب من السوق أو الهروب منه قسرا وقهرا، ويحرم الاقتصادات المحلية من عائداتها ، وهى من أهم عناصر ومقومات التنمية والتقدم ،
لأن مخاوف المستمر دائما من عدم استقرار القوانين والتشريعات خاصة المرتبطة بالاقتصاد والاستثمار تحسبا من فرض ضرائب أو رسوم إضافية أو إلغاء اتفاقيات أو حوافز استثمارية كانت مطبقة ، حيث تتسبب في تخبُط الأسواق واضطرابها ، وهيمنة الدولة على الأنشطة الاقتصادية ، وعدم حصانة القطاع الخاص ضد الفساد المالي والإداري أو استغلال النفوذ، بالإضافة إلى ما يصاحب ذلك من عدم الاستقرار السياسي والمجتمعي الذي يسبق عمليات الهروب الجماعي لرؤوس الأموال أو الخروج من البورصات ،وتحويل مراكزهم المالية إلى عواصم ومناطق أخرى ،و التي قد تصاحبها تصريحات متضاربة للمسؤولين لا تخلو من الأخطاء التي تُنفر المستثمرين ، كما تساهم في تقلبات السوق ووقف تدفق الاستثمارات ، في ظل انتشار الشائعات المغرضة في وسائل التواصل الاجتماعي غير المنضبطة ،حتى وإن كانت غير صحيحة إلا أنها تُسبب لغطا كبيرا أمام مُتخذ القرار الاستثماري ، الذي يجد أمامه خيارات صعبة مثل المخاطرة بأمواله في الاستثمار أو الهروب عند مقارنة العائد الاستثماري المتوقع بهذه المخاطر، وهذا من أهم ما يثير قلق ومخاوف أصحاب رؤوس الأموال وخاصة الأجانب ، باعتبار أن الخوف يُعد من أخطر المشكلات التي تواجه المستثمرين في أي مكان وزمان، لأن المستثمر الخائف يفقد الثقة في قراره وفي السوق ويظل مترددا، ولا سيما أن رأس المال جبان كما يقال في الأوساط الاقتصادية ،
ومن هنا فإن أُولى الخطوات المحفزة للاقتصاد ، التي تنعكس إيجابيا في الأوساط المالية العالمية والإقليمية ،هو شعور المستثمر في الداخل والخارج بدرجات عالية من الأمان والثقة ،ثم سهولة الإجراءات ، بعيدا عن المركزية و الروتين والبيروقراطية المتجذرة في الفكر الإداري والاقتصادي العربي، الذي نجح في السنوات الماضية في تفريغ الاقتصاد من قوته وإصابته بالهشاشة ، وساعد على ذلك حالة الاضطراب الناتج عن الصراعات العربية – العربية والنزاعات الداخلية والطائفية في معظم الدول العربية وعدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة الناتج عن الوجود الإسرائيلي وتهديداته المستمرة لأمن المنطقة الذي يؤثر على الأسواق وأسعار النفط و الصرف وسيولة النقد الأجنبي وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين ، وقدرة المستثمر على تحويل الأرباح مقارنة بعائدات الاستثمار في الخارج ، وكذلك زيادة عدد الشركات المتعثرة أو المتوقفة ،وإهمال إنقاذها ، وعجز البنوك عن التمويل طويل المدي أو القصير ،
وضعف القدرة الاستهلاكية للسوق وحجم المستهلكين الذي تُؤثر على الناتج القومي الإجمالي وعلى مدخلات الاقتصاد ، ومن المخاوف صعوبة الحصول على الموافقات والتراخيص، التي تستنزف الكثير من الجهد والوقت والأموال وصولا للموافقات النهائية ،حتى في ظل التشدق بشعارات النافذة الواحدة بما يُعطي انطباعات سيئة ، وكلها تُشيع الخوف في نفوس المستثمرين ، لأنها تُعد بيئة استثمارية غير مواتية بل وطاردة في الوقت ذاته،فرأس المال يبحث عن أعلى قدر من الربح، ولذلك لا يمكن المغامرة في مشروعات تتعرض إلى الخسائر والفشل في أية لحظة، أو تحكمها القوانين والتشريعات العمالية البالية والمتعارضة مع قوانين منظمتي العمل الدولية والعربية ، وهى من الأمور الأساسية التي يهتم بها المستثمر الأجنبي ، نظرا لارتباطها بحقوق العمال والرواتب والأجور، ومدي استقرارهم واستمرارهم على رأس العمل، كما تتركز المخاوف الاستثمارية من الافتقار للشفافية والإفصاح والرقابة الصارمة والمرنة ، ونقص آليات التحكيم وفض المنازعات وبطئ إجراءات والتقاضي
وفي جانب آخر تبرز المخاوف أيضا من قصور وسطحية وسائل الإعلام غير المتخصص وبعده عن الموضوعية و عجزه عن التصدي للفساد والبيروقراطية وعدم القدرة على شرح وتبسيط المفاهيم الاقتصادية ، وتحليل عوائد الاستثمارات وما تحققه إيجابيا أو سلبيا ، حتى تكون منصة يستفيد منها المستثمرون أو رجال الأعمال
====================
*mohmeedosman@yahoo.com