رئيس التحرير

القمة الخليجية ..والملفات الساخنة

بقلم :

محمد محمود عثمان

القمة الخليجية الـ 45  تأتي في مواجهة الأزمات الاقتصادية والصراعات والتوترات الجيوسياسية  والأنواء غير المواتية و الحزام الناري الذي يحاصرها من كل صوب ، الأمر الذي فرض عليها ملفات خليجية واقليمية ودولية ساخنة ، في مرحلة غاية في الخطورة ، والتي تلقي بظلال كئيبة ليس على دول الخليج فقط بل على منطقة الشرق الأوسط الملتهبة أيضا ، والتي تتعرض لموجات شرسة من العنف والعنف المضاد من غزة إلى لبنان إلى اليمن ،  ومن مضيق هرمز إلى مضيق باب المندب ، وتعرُض حركة  التجارة الدولية والملاحة البحرية وإمدادات وإنتاج وتصدير النفط للمخاطر ، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية على دول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل مشروعاتها التنموية ، الأمر الذي يؤثر على برامج المساعدات وجهود إعادة الإعمار والإغاثة الإنسانية لقطاع غزة وجنوب لبنان

والمخاوف المتوقعة من المواجهة  بين إيران و إسرائيل ومن التهديد المباشر الذي توجهه إسرائيل للعراق

ومن هنا تقع على القمة مسؤوليات جسام للخروج من عنق الزجاجة والوضع المتأزم في المنطقة العربية

خاصة أن الكيان الخليجي  هو التجمع العربي الوحيد القائم الذي صمد و عاش لأكثر من نصف قرن و الذي يمثل حتى الآن الصيغة الوحدوية  الناجحة عربيا ،

على الرغم ما قد يشوب هذه  التجربة من بعض  السلبيات أهمها عدم تحقيق رغبة شعوبها في الشراكة والتنمية والتغلب على قيود انتقال الأيد العاملة  في أسواق العمل الخليجية ، بالإضافة إلى عدم تفعيل آليات  السوق الخليجية المشتركة والعملة الخليجية الموحدة والاستثمارات الخليجية – الخليجية التي تنعكس آثارها على المواطن الخليجي ، والتي انتظرها طويلا ، ولكن لا زالت  الأماني قائمة ، بل وممكنة ، إذا تم توجيه كل الطاقات والثروات  والامكانات الخليجية المتاحة ،للاستفادة من المتاح لتحقيق الممكن ، بعد أن خسرت معظم شركات ومؤسسات القطاع الخاص الأيد العاملة الماهرة والمدربة التي تم تسريحها و الاستغناء عنها – بدون روية – خلال أزمة كورونا

لأن الأزمات الاقتصادية المتكررة قد تعصف ببعض دول المنطقة ، بعد أن تتفاقم من حالة التردي التي يعاني منها المواطن تحت ظل حالة التشرذم التي تعاني منها الدول العربية والإسلامية،

ولا سيما أن القمة تأتي بعد أقل من شهر من القمة العربية – الإسلامية الاستثنائية في الرياض ونتائجها التقليدية التي لم تقدم أو تؤخر في حلحلة القضية الفلسطينية أو في ردع إسرائيل، لتضيف أعباء ومسؤوليات ضخمة على القمة الخليجية،

خاصة مع ترحيل معظم ملفات القمة الخليجية السابقة  الـ  44التي عُقدت في ديسمبر 2023، في العاصمة القطرية الدوحة، وما تم تحقيقه من توصياتها

والتي  ربما قطعت الدول شوطاً ليس كبيراً في تنفيذها ، وفي مقدمتها التأشيرة الخليجية الموحدة، و مشروع سكة الحديد ،

لذلك تكتظ طاولة القمة بملفات ساخنة وبالغة التعقيد ، تحتاج إلى الصلابة وتوحيد المواقف لمواجهة التحديات الأمنية  والاقتصادية  التي تتعرض لها الدول الخليجية، في سعيها لتأمين  المستقبل الخليجي ووحدة المصير المشترك

وإشكاليات التوظيف والتوطين وتنويع مصادر الدخل،

وحماية الأمن والاستقرار في ظل التحولات التي قد يفرضها وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجدداً، وكيفية التعامل مع إدارته ، خاصة أن ترامب سبق في ولايته الأولى أن  فرض على الدول الخليجية إتاوات مالية لتغطية ديون أمريكا

حيث قال ترامب  في عام 2017: «سأذهب إلى دول الخليج، إنهم لا يمتلكون أي شيء آخر غير الأموال، لدينا ديون ١٩ تريليون دولار، لن ندفع منها شيئاً، سأجعلهم يدفعون، سأجعلهم يدفعون، لا تنسوا أن هذه الدول بدوننا لم تكن لتكون موجودة”

لأنه أراد أن يعوّض الخسارة التي ألقت بظلالها على سوق العمل الأمريكي بعد أن  تزايدت أعداد الذين فقدوا وظائفهم بشكل مخيف ولم تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الكساد الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي ، حيث  اعتبر ترامب أن  المملكة العربية السعودية دوما بقرة حلوبًا، تستطيع أن تدرّ ما يشاء وقتما يشاء ودون أي معارضة أو تلكؤ أو تردّد، فأصبحت المخاوف من محاولات جديدة  للابتزاز واستمراء ذلك وفرضه فرضا على العرب بدعاوى المحافظة على الأنظمة العربية وحمايتها

لذلك نأمل نجاح القمة في تحقيق أكبر قدر من   تطلعات شعوبها وطموحاتهم ، لأن قوة قرارات القمة وتوصياتها تضيف إلى قوة العرب جميعا.

.

======

*mohmeedosman@yahoo.com

زعماء مجلس التعاون الخليجي خلال القمة الخليجية في العاصمة السعودية الرياض

.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى