رئيس التحرير

 القطاع الخاص.. والمسؤولية

 

محمد محمود عثمان

تعثرت الكثير من الشركات وتوقفت المصانع التي  سرحت  العمال مع توالى الأزمات الاقتصادية بداية  من زمن الكورونا اللعين التي توقف فيه الأنشطة الاقتصادية الرئيسية والإنتاجية بالقطاع الخاص  في معظم دول العالم وتوقفت الصادرات وحركة السياحة  وأصيبت قطاعات السفر والطيران  والمؤسسات الفندقية  والمنشآت السياحية بالشلل الذي ضرب هذه القطاعات في مقتل وانعكست آثارها  السلبية على الاقتصاد

فهل القطاع الخاص هو المسؤول ؟ أو تقع المسؤولية على الحكومات .. أم انها مسؤولية مشتركة؟

بعد أن تفاقمت هذه المشاكل والازمات  في ظل  الحرب بين روسيا والغرب ممثلا في أوكرانيا التي هي في جوهرها حربا اقتصادية ،في ظل الصراع السياسي القائم الذي يخشى من التمدد الاقتصادي الصيني وتحالفه مع القضب الروسي الذي يسعى للظهور كقوة عظمى اقتصادية وسياسية  غابت لسنوات عن المسرح العالمي

ومن هنا تفاقمت بشدة المشاكل الاقتصادية المستترة والكامنة التي عانت منها الاقتصاديات الضعيفة والهشة التي وجدت في أزمة  كورونا شماعة لتبرر فشلها في تحقيق التنمية والنهوض بالمجتمعات، بعد أن عجزت الحكومات بامتياز في إدارة هذه الأزمة  ،

وظهر ذلك جليا في معاناة الاقتصاديات النامية والقطاع الخاص تحديدا من ازدياد حالات إفلاس الشركات  وهروب  الاستثمارات وضعف وسوء الممارسات، التي نتج عنها العجز في الإنتاج  وتوقف الصادرات والتعثر في  سداد القروض أو في الوفاء بالالتزامات تجاه مستحقات  البنوك ومؤسسات التمويل ، حيث تتعقد الأمور أكثر عندما يتم ذلك  تحت غطاء من الفساد المالي والإداري الذي تتميز به الاقتصادات الضعيفة والمنهكة ، والتي نراها في صعوبة حصول المستثمر على تراخيص المشروعات بداية من تراخيص الأراضي الصناعية وفرض الرسوم والضرائب المتنوعة  التي لا يقابلها  تقديم منافع وخدمات ، والروتين والبيروقراطية العقيمة وتعدد جهات التعامل، وعدم استقرار أو ثبات القوانين والتشريعات، وتوغل ومنافسة  الشركات الحكومية في مشروعات القطاع الخاص بل احتكار  بعض الأنشطة الأساسية ذات الربحية العالية وحرمان القطاع الخاص منها،

حيث تكبدت شركات القطاع الخاص خسـائر فادحة في رأس المال ، وسوف تزداد وتتفاقم تبعا للتوترات الجيوسياسية المتعاقبة التي آخرها حتى الآن طوفان الأقصى وتبعاته

وقد حذرت من ذلك رئيسة منظمة التجارة العالمية من أن استمرار الصراع العربي الإسرائيلي واتساع نطاقه سيؤثر على تدفقات التجارة العالمية

كما ذهب صندوق النقد الدولي في توقعاته لأداء النمو الاقتصادي العالمي بتقريره “آفاق الاقتصاد العالمي” إلى أن النمو الاقتصادي العالمي الحالي هش، ولن يتعدى 2.9% فقط في عام 2024.

ومن المؤسف حقيقة أن ذلك يواكب  التردي الواضح في إدارة القطاع الخاص  من خلال دور غرف التجارة والصناعة الضعيف والهش في معظم الدول النامية ، حتى قبل هذه الأزمات ، نظرا لافتقار البعض  للخبرات الإدارية القادرة على إدارة التنمية الاقتصادية  وافتقادها إلى الرؤية التي تمكنها من قيادة وتوجيه دفة  الاقتصاد في  القطاع الخاص بشكل علمي واقتصادي ،  بعد أن ألقت قيادات غرف التجارة  بنفسها في أحضان الحكومات مستسلمة   للسيطرة عليها حتى  أصبح دورها هامشيا وغير مؤثر ، لأنها لا تملك المبادرات والابتكارات  الجديدة ، التي تثري أداء استثمارات وأصول شركات ومؤسسات القطاع الخاص ،القادرة على تحقيق التنمية الاقتصادية الحقيقية  ، بعتبارأن دور غرف التجارة والصناعة يُعد رمانة  الميزان في الاقتصاد

لأنه ليس من  المنطق أن يظل أداء غرف التجارة والصناعة  تقليديا و مقتصرا على السفريات والزيارات الخارجية واستقبال الوفود ، والتصريحات الخاوية من المضمون ، وتثمين الإجراءات الحكومية حتى ولولم  يتوافق بعضها مع متطلبات واحتياجات ومصالح القطاع الخاص ،

ولا شك أن عدم تطوير نشاط غرف التجارة والصناعة   وزيادة فاعليتها يعوق القطاع الخاص الذي يعد قاطرة التنمية، والمنفذ الحقيقي لتوفير فرص العمل الجديدة التي تستوعب  جحافل الخريجين والباحثين عن العمل ، بعد أن عجزت الحكومات عن توفير فرص العمل الجديدة أو مواجهة معدلات  البطالة  المتزايدة والتي تتراكم  سنويا ،

لذلك نؤكد على أن مسؤولية   القطاع الخاص وبمشاركة الحكومة  في العمل على تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة لتعطي الفرصة  للأيد العاملة لإكسابها المهارات الفنية لتكوين قاعدة للصناعات الصغيرة التي تغذي الصناعات الكبيرة  وتغطي  احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض للخارج

، على أن توفر لها الحكومة قنوات التمويل المناسبة   ووسائل التسويق والترويج لمنتجاتها  في الداخل والخارج ،لضمان تواجدها حتى تضع  قدمها في الأسواق العالمية والإقليمية ، على أن تستفيد من العلاقات القائمة مع غرف التجارة العربية والأجنبية المشتركة في جذب الاستثمارات وترويج الصادرات والتعاون في المشروعات المشتركة ، وتبادل المعلومات والبيانات والتقارير والدراسات التي تخدم القطاع الخاص وتمكنه من التواجد  كعنصر إيجابي وفاعل وهام من عناصر التنمية الاقتصادية ونواة للمجتمع الصناعي  الذي يصنع الدولة المتقدمة

=================

*mohmeedosman@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى