أخبار عاجلةرئيس التحرير

القطاع الخاص ..واشكاليات التوظيف والتدريب

محمد محمود عثمان

    أصبحت الفجوة الزمنية والمهارتية في مجال التدريب بين الدول العربية والمتقدمة أكثر من ربع قرن وسوف تتفاقم على المدى الطويل ، إذا ظل    القطاع الخاص العربي متهما بالتخلي عن دوره الوطني  الفاعل والإيجابي في عمليات التنمية والاصلاح ، خاصة في مجالات التعليم والتدريب المهني والتقني من خلال المشاركة الاستثمارية الإنتاجية ،  لتأهيل مخرجات التعليم المختلفة في التخصصات التي  تلائم حاجة حقل العمل، وفي المقابل هل الحكومات لديها الاستعداد والرغبة في جذب القطاع الخاص للاستثماربالتعليم والتدريب المهني والتقني وتشجيعه على خوض هذه التجربة ؟

لا سيما أن  القطاع الخاص يعزف عن ذلك ،أو يتخوف من الاستثمار بالتعليم والتدريب المهني والتقني التطبيقي – ومعه بعض الحق في ذلك – لارتفاع التكاليف  من جهة ،والافتقار إلى الدافعية والوعي المجتمعي للانخراط في هذا النوع من التعليم ثم تسرب المتدربين منه  بعد ذلك ، ومن جهة أخرى عدم قدرة الملتحقين بهذا التعليم على تحمل نفقات الدراسة ،ما لم تساهم الدولة بحزمة من الحوافز،باعتبارأن الاستثمار التعليمي المنتج للقطاع الخاص في مؤسسات التعليم والتدريب المهني والتقني ضمان لتجويد مخرجات التعليم وموائمتها مع احتياجات سوق العمل الفعلية والضرورية ، لذلك يمكن بمبادرة من غرفة التجارة والصناعة بالمشاركة مع وزارتي القوى العاملة والتجارة والصناعة تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تمويل التعليم والتدريب المهني بالهبات والمساعدات المالية أو المادية مثل الأجهزة والمعدات والتقنيات الحديثة ،أوتحمل جزء من أجورتدريب المدربين لزيادة تأهيلهم، وأن يتحول دور الحكومة إلى  التخطيط والاشراف والمشاركة في التمويل، وهذا يتطلب وجود قاعدة بيانات حديثة في هذه الجهات حول احتياجات الشركات من التخصصات المختلفة  في كل قطاع لعدة سنوات قادمة، للتسهيل في وضع استراتيجية قومية للتدريب، كما أن شركات القطاع الخاص يمكن أن تضع لنفسها برامج تعليمية وتدريبية وفق خطة احتياجاتها على المدى القصير والبعيد، وإعداد مخرجاتها وفقاً لمستوى التطورات التقنية الحديثة، كما  يمكن لكل مجموعة من القطاع الخاص أن تتعاون في إنشاء مركز تدريب خاص بها، تشترك فيها مجموعة من الشركات في كل قطاع لتتولى تدريب الأيد العاملة التي تحتاجها – بنظام التلمذة الصناعية – في التخصصات المختلفة لعدة سنوات قادمة،مع وضع الضوابط التي تمنع تسربها من الشركات بعد أن تكتسب الخبرة التي تمكنها من الانتقال إلى شركة آخر، حيث يدرس المتدرب ويعمل ويتدرب في ذات الوقت وفقا للمستوى المهاري التي تريده  والضوابط التي تحددها ، ثم بعد ذلك يمكن ابتعاث بعضهم للتدريب في الخارج في التخصصات والمهارات النادرة أو لكسب مهارات جديدة ، بدون الانتظار إلى ما تقدمه السوق من أيد عاملة نصف ماهرة أو بدون مهارة ، أو التي يفرض عليها توظيفها من عديمي الخبرات أو المهارات  ، ثم تتضررمن تشغيلها على المدى البعيد ،خاصة مع تتزايد معدلات البطالة العربية يوما بعد آخر، في ظل مشكلة ضعف كفاءة ومهارات مخرجات التعليم والتدريب المهني والتقني، التي تعتبر من المسببات الرئيسية، لعزوف القطاع الخاص عن الاستعانة بالأيد العاملة الوطنية التي قد يفتقد معظمها  إلى الخبرات  والمهارات المتطورة ، أوعدم القدرة على استيعاب التكنولوجيا الحديثة  أوالتعامل معها ، ومن ثم تزيد معدلات البطالة عاما بعد آخر، مما يدعونا للتساؤل عن مستقبل مخرجات التعليم في السنوات القادمة ، وهل يستطيع القطاع الخاص استيعاب هذه المخرجات التي تتراكم عاما بعد عام ، مع عجز الحكومات عن إيجاد فرص العمل الحقيقية،مما يلقي بالجزء الأكبرمن المسؤولية وتبعاتها على القطاع الخاص ، ولا سيما أن القطاع الخاص دائم الطلب من الحكومة ومن وزارة القوى العاملة لتوفير الأيد العاملة الوطنية المدربة ، وتلك هي المعادلة الصعبة التي تتركز في ضرورة حصول شركات القطاع الخاص على أيد عاملة مدربة وماهرة في ذات الوقت ،حفاظا على مستوى الإنتاج وجودة العمل ، ولاسيما أن مخرجات التعليم الحالية – حتى التقني – قد  تفتقد للخبرة الميدانية التي تقنع القطاع الخاص وتلبي احتياجاته ،وهنا تكمن الإشكالية إذ كيف تتحق المصالح المشتركة لكل الأطراف المتمثلة في حق المجتمع في توظيف الشباب وحق الشركات في الحصول على الأيد العاملة المنتجة وحق  الباحثين عن عمل ؟

وهنا نطرح تساؤل حول أين تتجه نوعية مخرجات التعليم والتدريب في الألفية الثالثة ؟ هل يمكن أن توجه نحو الاحتياجات الفعلية لسوق العمل ؟ وفق برامج تدريبية تأخذ في الاعتبار توقعات مستويات المهارات الفنية في سوق العمل وتطوراتها؟ وهل لدينا قاعدة بيانات حديثة تساعد في التعرف على المهارات والتقنيات والمهن والخبرات والوظائف التي يطبلها سوق العمل خلال خمس أو عشر سنوات قادمة ؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتوافق البرامج التعليمية والجامعية وبرامج التدريب الفني والتقني مع هذه الاحتياجات  ؟

=======================

*mohmeedosman@yahoo.com 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى