
الرؤية الثاقبة .. ومبادراتها العملاقة
محمد محمود عثمان
شاهدت جريدة الرؤية العمانية منذ مولدها على يد المكرم حاتم الطائي منذ عشر سنوات وأنا أحب أن أتابع عن كثب تحديات إصدارالصحف والمطبوعات الجديدة ومتطلبات قوانين الصحافة والمطبوعات والنشر، والخطوات الأولى وهى تحبو على طريق صاحبة الجلالة الصحافة
ولا أبالغ إذاقلت إن جريدة الرؤية العمانية حرقت مسافات طويلة و تحولت إلى إصدار قوى خاض التجربة في ظل تحديات وتحولات سريعة ومتتالية تهدد الصحف المطبوعة على مستوى العالم وأثرت سلبا عليها، واشاهدها ، لم تهتز أو تتراجع على الرغم من سنوات عمرها الغض ، لأن عشر سنوات لا تكفي لتكوين الكوادر الصحفية والفنية والإدارية ، ولا تكفي هذه السنوات لتمكين الصحيفة من جذب المزيد من القراء ، ولا تكفي حتى تجد لنفسها موضع قدم بين الصحف والإصدارت الأخرى التي خاضت التجربة طوال أكثر من خمسة عقود أو يزيد حتى الآن, لذلك أرى في الرؤية “رؤية ” ثاقبة و إصرار على الصمود والتحدي والنجاح ،لأن صحفا ومطبوعات كثر قد تقلصت صفحاتها أو أغلقت ابوابها أو سرحت صحفييها ، وتعددت الأساليب ولكن كان الهدف واحدا وهوالانكماش أوالتراجع خطوات كثيرة للخلف ، وبعض هذه الخطوات مبررا ومعظمها هروبا من الميدان ؛حتى أن بعض الصحف الجديدة في لبنان لم تصمد سوى شهرين فقط بخلاف الصحف التي أغلقت ، وكذلك صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” الإمريكية العريقة ألغت طبعتها الورقية مع الاكتفاء بنسخة الإلكترونية بعد قرن كامل من الصدور، معلنة استسلامها التام في مواجهة خسرتها مع الإعلام الالكتروني، وكذلك صحيفة “ذا روكي ماونتن نيوز “التي قررت الإغلاق بسبب انخفاض حجم التوزيع ونقص عائدات الإعلانات ، وأيضاهددت شركة هرست بإغلاق صحيفة ” سان فرانسيسكو كرونيكل ” التي بدأت منذ حوالي قرن ونصف القرن ،كما قامت العديد من المؤسسات الصحفية بإلغاء مجلات وملاحق متنوعة ، مع تقليص عدد صفحاتها في صراع ممتد مع الإصدارات الرقمية ،التي بدأت تتوغل بقوة في الساحة الإعلامية – حتى على الرغم – من فقدان الثقة الكاملة في محتواها ، نظرا لعدم وضع الضوابط الحاكمة للنشر الإلكتروني ،بالإضافة إلى أن ذلك أوجد عدم الثقة فيما يتداول على وسائل التواصل الاجتماعي لعدم وجود الآليات الصحيحة لانتقاء الأفضل والأصدق ، لأن الجميع يتحدث من وجهة نظره التى قد تتسم بالنزعة العاطفية حينا أو بعدم الموضوعية أحيانا
خاصة أن الشركات تحاول توفير نفقات الدعاية في وقت الركود وهذا يساعد على زيادة الكساد،بالإضافة إلى العامل أو العنصر الأقوي تأثيرا وهو الأزمة المالية التي ضربت في مقتل كل الصحف الورقية التي أصبحت تعاني من نزيف الخسائر المتزايد يوما بعد يوم ، بعد أن انتشرث ثقافة ترشيد الاستهلاك والنفقات ، من خلال تقليص أوإلغاء مخصصات الإعلانات والتسويق ،وأيضا مخصصات التدريب ، وهذه المفهوم الخاطئ الذي يسود في ذهن الكثير من المسؤولين عن الإدارة والتخطيط في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ، في وقت الأزمات الاقتصادية أو الكساد ، لأن المفهوم الصحيح أن تزيد الإدارة من مخصصات الدعاية والتسويق لتحريك السوق وزيادة المبيعات ، من خلال خطة ترويج مرنة وطموحة، وكذلك زيادة جرعات التدريب لتحسين جودة المنتج وقدرته على المنافسة الشرسة في السوق الذي يبحث عن الأجود والأرخص دائما ، ولم تجد الإدارات العقيمة للصحف سوى عدة سيناريوهات سلبية تتمثل في تسريح الأيد العاملة وتقليص لصفحاتها ،وإلغاء بعض الإصدارات وتوقف بعضها، أو بيع الأصول والممتلكات،كما حدث مع صحيفة ” نيويورك تايمز” التي باعت طابقاً من مقرها الرئيسي في نيويورك ، الذي يتكون من 52 طابقاً مقابل 225 مليون دولار في سبيل الحصول علي سيولة مالية ، كما أعلنت مجموعة “ماكلاتشي “ الصحفية وهي ثالث أكبر مجموعة صحفية أمريكية إلغاء 1600 وظيفة أي الاستغناء عن 15% من موظفيها بسبب نقص أرباح الاعلانات، وهذا يعكس حجم الأزمة المالية التي تمر بها الصحف على مستوى العالم ،وإن كنت لا أبرئ إدارات هذه الصحف من الفساد أو سوء الإدارة المتمثل في السفة والإسراف وعدم التفكير من خارج الصندوق ، حيث لم تبحث عن استثمارات أو أفكارأومبادرات جديدة تمكنها من توفير السيولة الكافية للاستمرار والمحافظة على كياناتها الصحفية ،ولقد استطاعت جريدة الرؤية العمانية برؤية ثاقبة ،عبور هذه الأزمة بسلاسة ، من خلال اتباع نهج جديد وهو تعزيز إعلام المبادرات التي يقول عنها المكرم حاتم الطائي ” إنه منذ الانطلاقة الأولى والرؤية تحرص على أن تنتهج عدة مرتكزات تهدف إلى تأصيل ثقافة المبادرة في المجتمع بإعتبارها جزءا من مباديء التفكير الإيجابي الذي يفرض نفسه على عالمنا اليوم لتوجيه الطاقات نحوالبناء وتحفيز المواهب للإبداع ” والرؤية من خلال هذا النهج استطاعت أن تقتنص لنفسها مكانا بين وسائل الإعلام الأقدم والأكثر في الإمكانيات المادية والفنية والبشرية ، ولا نملك إلا أن نقدم لها التهنئة بمرور عشر سنوات من النجاح ، وأعتقد أنها كانت سنوات عجاف، لأنها عاصرت تراجع أسعار النفط عالميا ، أو تزامنت مع الأزمات الاقتصادية الي ضربت الاقتصاد العالمي