اقتصاد

مؤتمر المحيط الهندي يناقش في مسقط  التحديات ومواجهتها بالحوار والدبلوماسية وضمان حرية الملاحة

بدر البوسعيدي : تعزير الشراكة الشاملة مع دول المحيط الهندي جسر التواصل وشريان الحياة الاقتصادية

طريق المستقبل – محمد محمود عثمان:  

 مؤتمر المحيط الهندي الثامن في العاصمة العمانية مسقط يناقش الفرص والتحديات التي تواجه الدول المطلة على المحيط الهندي  تحت رعاية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، وبحضور عدد من أصحاب المعالي وزراء خارجية الدول المطلة على المحيط الهندي وممثلين من 60 دولة ومنظمة دولية، وذلك في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.

ويناقش المؤتمر على مدى يومين سبل تعزيز الشراكات البحرية، وتحسين الروابط التجارية، ودعم التنمية المستدامة والقضايا المتعلقة بالأمن البحري، وضمان حرية الملاحة، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لتعزيز أمن الموانئ والحوكمة، كما يهدف إلى تعزيز التعاون في مختلف الجوانب الاقتصادية والأمنية بين الدول المطلّة على المحيط الهندي، بالإضافة للدول التي لديها مصالح في هذا المحيط، كما يسعى إلى إطلاع الدول والمشاركين على المقومات التي تتمتع بها سلطنة عُمان في مختلف الجوانب ومنها البنية الأساسية والموانئ التي تعزز من كون سلطنة عُمان وجهة استثمارية جاذبة

حرية الملاحة البحرية

وأكد معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية العماني أن السلطنة تعمل على تعزير الشراكة الشاملة مع دول المحيط الهندي جسر التواصل وشريان الحياة الاقتصادية ، وضمان الأمن وحرية الملاحة البحرية ومواجهة التحديات بالحث عن نقاط الالتقاء واحترام التعددية والابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول وذلك لبناء مستقبل أكثر أمنا واستقرارا وازدهارا

وقال معاليه في كلمته: يجمعنا اليوم إيمان مشترك بأن المحيط الهندي ليس مجرد مساحة مائية، بل هو شريان للحياة الاقتصادية، ومنصة للتبادل، وجسر للتواصل والصداقة، ونحن أمام مسؤولية مشتركة لمعالجة قضايا مثل حماية البيئة البحرية، وضمان حرية الملاحة، وتعزيز قدرة المجتمعات الساحلية على مواجهة تغير المناخ، مؤكدا أن المؤتمر يمثل فرصة لاستكشاف الإمكانات غير المستغلة لمحيطنا.

الرؤية الاقتصادية لسلطنة عمان

وأضاف معاليه: ترتكز الرؤية الاقتصادية لسلطنة عمان على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، خصوصًا في قطاعات الاقتصاد الأزرق، والبنية التحتية للموانئ، والخدمات اللوجستية، ونأمل أن يتيح لنا هذا المؤتمر تطوير استراتيجيات مستدامة ومفيدة للجميع، ولا تقتصر شراكتنا على المسائل البحرية، بل تمتد لتشمل التحول في مجال الطاقة، والتكنولوجيا، والرؤى المشتركة لدول الجنوب،  .

عمان أمة بحرية

وقال معاليه: نحن ندعو الجميع إلى تبني نهج قائم على الثقة، والقيادة، والاستماع والانخراط البناء، والاحترام المتبادل، فمن خلال هذه المبادئ، يمكننا تحقيق فهم أعمق لوجهات النظر المختلفة، وتعظيم الاستفادة من تجارب شركائنا، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا، ولطالما كانت عمان أمة بحرية على مدى آلاف السنين، حيث شكل المحيط بالنسبة لأسلافنا بوابة للتجارة وتبادل الثقافات، وهو لا يزال كذلك حتى اليوم، ولقد قدم كل مجتمع مهاراته، وسلعه، ورؤاه الفريدة، ومن خلال الشراكة البحرية، تمكنا جميعًا من الاستفادة من هذا التنوع، مضيفا أن هذا التعاون لم يكن ليتحقق دون حوار لوضع القواعد، وتعاون لتنفيذها، وثقة في حسن نوايا الشركاء، وهو ما أدى إلى تطوير قانون البحار.

معالجة القضايا من جذورها

وأفاد معاليه: منذ القرن السابع، أسس البيزنطيون الأعراف البحرية، بينما رسخ الفقيه الهولندي هوغو غروشيوس في القرن السابع عشر مبدأ “البحر الحر”، الذي أصبح حجر الأساس للقانون البحري الدولي، وفي القرن العشرين، دفعت الحاجة إلى استغلال الموارد البحرية ومواجهة التحديات المشتركة مثل القرصنة والصيد غير القانوني والجريمة العابرة للحدود، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى إقرار اتفاقية قانون البحار، التي شكلت خطوة كبيرة نحو تحقيق الأمن البحري العالمي، مشيرا إلى أن المؤتمر يعكس الإيمان بأن الشراكة هي الوسيلة الأنجح للحفاظ على بحارنا، فالسيادة البحرية وحرية الملاحة والعدالة لا تتحقق من خلال السياسات العدائية أو القوة العسكرية، بل عبر التعاون والانخراط البناء، موضحا أنه من خلال الشراكة، يمكن لدول الجنوب أن تتحدث بصوت واحد، ويمكننا تعزيز الأمن البحري عمليًا، وفهم دوافع الجهات التي تهدد استقرار بحارنا، ومعالجة القضايا من جذورها، كما نرى المحيط الهندي جسرًا وليس حاجزًا، فإن سلطنة عمان تنظر إلى جميع الدول على أنها شركاء، تجمعنا بهم مصالح مشتركة أكثر مما تفرقنا، كما تلتزم بتعزيز شراكة شاملة في المحيط الهندي، تضمن نصيبًا عادلًا لكل الدول، شمالًا وجنوبًا، في أمن وازدهار هذه المنطقة الحيوية.

الجلسات النقاشية

وتضمن اليوم الأول جلسات نقاشية ركزت على تعزيز التعاون الإقليمي والأمن البحري وتضخيم صوت الجنوب العالمي، إلى جانب التصدي للتحديات الكبرى التي يواجهها القطاع البحري، كما سيطرح وزراء خارجية 27 دولة خلال المؤتمر رؤى دولهم حول التحديات الأمنية المشتركة وسبل تعزيز الشراكات البحرية، وذلك من أجل تحقيق الهدف الرئيس من المؤتمر وهو إيجاد شراكات وتنمية التعاون بين مختلف الدول والمنظمات المشاركة.

واستعرضت الجلسة الأولى بعنوان “رحلة نحو آفاق جديدة للشراكة البحرية” سبل تعزيز التعاون البحري بين الدول المطلة على المحيط الهندي، مع التركيز على الفرص الجديدة للشراكات الاستراتيجية في مجالات النقل البحري والاستثمار في البنية الأساسية، إضافة إلى تطوير المبادرات التي تعزز الاستدامة والابتكار في القطاع البحري، فيما ركزت الجلسة الثانية “تعزيز صوت الجنوب العالمي” على أهمية دور دول الجنوب العالمي في تشكيل مستقبل النظام الاقتصادي والسياسي البحري، وتسليط الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز حضور هذه الدول في المحافل الدولية، بما يضمن تحقيق التنمية العادلة والمستدامة.

وتناولت الجلسة العامة الثالثة “تأمين المصالح الاقتصادية البحرية” التحديات والفرص المتعلقة بحماية المصالح الاقتصادية البحرية، بما في ذلك الأمن البحري، ومكافحة القرصنة، وحماية الموارد البحرية، إضافة إلى دور التكنولوجيا الحديثة في تعزيز الأمن والاستقرار في المحيط الهندي، فيما جاءت الجلسة الرابعة بعنوان “تعزيز سلاسل الإمداد البحرية – التغلب على الاضطرابات وزيادة المرونة” وبحثت الحلول المبتكرة لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد البحرية، والتكيف مع الأزمات الجيوسياسية والاقتصادية، بما يضمن استمرارية تدفق التجارة العالمية، وتحقيق التكامل اللوجستي الفعّال بين الموانئ والمراكز التجارية، وناقشت الجلسة الأخيرة “استكشاف آفاق جديدة – تطور المشهد البحري في القرن الحادي والعشرين” التحولات الكبرى في قطاع الملاحة البحرية، وتأثير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في تطوير الصناعة البحرية، مع استشراف مستقبل التجارة والنقل البحري في ظل المتغيرات البيئية والاقتصادية العالمية.

  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى