رئيس التحرير

الاقتصاديات .. بين القروض والإنتاج

بقلم :

محمد محمود عثمان   

تتعرض بعض الدول إلى هزات اقتصادية قد تكون مدمرة لاقتصادها عندما تستمر المعاناة من آثار الفشل في تنفيذ خطط تنموية حقيقية لعدة سنوات ، وما ينتج عنه  من نقص السيولة من العملات الأجنبية المصدر الوحيد لتمويل عناصر ومكونات الإنتاج والصناعات المحلية التي تعتمد عليها بشكل أساسي وتحصل عليها عن طريق الاستيراد من الخارج .

لذلك تلجأ للاقتراض الذي يمثل خطرا داهما على المجتمعات ،التي توجه القروض لحل أزمات وقتية، تكون هي  البوابة لمزيد من الانهيار الاقتصادي والتعثر المالي، باعتبار أن بعض القروض التي لم يتم التخطيط الجيد لها لتحديد مدى الاستفادة منها وماذا ستحقق على المدى القصير والبعيد في إطار خريطة زمنية محدد مسبقا ، حتى لا تكون القروض خطوة جديدة على طريق الاستدانة.

ولا سيما أن بعض الدول مثل مصر بلغ  حجم الدين الخارجي بها طبقا لبعض الإحصائيات  نحو 157.8 مليار دولار.

ولذلك فإنه إذا لم يُحسن استخدام القروض  والاستفادة منها في المشروعات والصناعات التي تضيف إلى الاقتصاد فسوف يكون  المستفيد من  القروض قاصر على الجهات  المُقرضة التي تحصل على فوائد القرض في كل الأحوال ، وينطبق ذلك على قروض البنك الدولي وصندوق النقد وقد أشرنا في مقال سابق إلى بعض  الدول  مثل ماليزيا التي رفضت الاقتراض من صندوق النقد حماية لاقتصادها ، ونجحت في الخروج من أزمتها ، وتحولت من الاقتصاد الهش والضعيف إلى قوة اقتصادية يشار إلها كنموذج ناجح.

 ولكن في المقابل نجد النماذج السيئة وهى كثيرة  حيث  تستخدم هذه القروض في  معالجة العجز والخلل في الميزان التجاري وفي سداد خدمة الدين أو لتسديد قروض متعثرة ، أو الذهاب إلى جيوب الفاسدين الذين يتصدرون المشهد الاقتصادي لسنوات طويلة بدون حساب أو عقاب

أو تستخدم في الإنفاق على مشروعات لا يتفق  حول جدواها الاقتصادي أو مدى أولويتها وأهميتها في المرحلة الحالية ، مع أن حجم الديون  قد يفوق الحدود الآمنة للاقتراض نسبة إلى الدخل  الذي ينبغى ألا يزيد على 60% من الناتج المحلى  الإجمالي.    

لأن الاقتراض في جميع الحالات مؤشر على التعثر الاقتصادي، ودليل قطعي لا ظني على الفشل في إدارة الموارد المتاحة  لتصبح إرثا في أعناق الأجيال القادمة.

وهنا الطامة الكبرى ، نظرا لافتقاد هذه الدول لقاعدة إنتاجية تعتمد على الصناعة والمشروعات الاستثمارية المنتجة القادرة على تغطية احتياجات السوق المحلي وتقليل حجم الاستيراد ، ثم تنجح في زيادة التصدير للخارج لجلب العملات الأجنبية

لأن  المعاناة  سوف تتضخم إذا ظلت السياسات النقدية للدول المقترضة  غير مستقرة وغير مواكبة لمتطلبات الأسواق ولم تحافظ على السعر المنخفض للدولار لجذب المزيد من الاستثمارات وزيادة الصادرات .

أو إذا ظل  اهتمام متخذ القرار بعيدا عن التركيز على تنشيط القطاع الخاص ودعم دوره في المشروعات التنموية الرئيسية التي تساهم بنسب كبيرة في الإنتاج ، وتوليد فرص العمل الحقيقية التي تواجه ظاهرة البطالة والباحثين عن العمل .

فقد لجأت أمريكا إبان الأزمة الاقتصادية في 2008 إلى المحافظة على استمرار انخفاض سعر الدولار لأطول فترة لتحسين اقتصادها وجذب المستثمرين من كل دول العالم وكذلك لزيادة الإقبال العالمي على منتجاتها الأمر الذي ساعد على مضاعفة خطوط الإنتاج التي استوعبت أعدادا كبيرة من الأيد العاملة

==============

  *mohmeedosman @yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى