رئيس التحرير

 الاستثمار بمجرد الإخطار .. بين المشكلة والحل   

بقلم:

محمد محمود عثمان

الهاجس الأكبر للدول النامية هو جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية باعتبار أن الاستثمار دائما – كما أقول – هو المشكلة والحل، لذلك يمثل معادلة صعبة بل شديدة الصعوبة نظرا لتعدد أطراف المعادلة ، وأخطر الأطراف في هذه المعادلة هو الشعارات الرنانة التي نطلقها بين الحين إلى الآخر بدون أن نطبقها أو نعطيها حقها أو أن نستثمر هذه الشعارات جيدا بما يفيد القطاعات الاقتصادية ، أو بما يعطي الثقة للمستثمر الذي يبحث عن المؤشرات الحقيقية لقوة الاقتصاد، التي تمثل تحديا كبيرا، وتأخذ حيزا أكبر في عقل وفكر المستثمرين الأجانب قبل اتخاذ القرار الاستثماري سلبا أو إيجابا.

 ومن المؤسف أن الاقتصاديات النامية، لا تضع ذلك في حساباتها الحالية أو المستقبلية، لتظل غارقة في حفرة القوانين والإجراءات العتيقة التي بلى عليها الزمن، ولم تعد مناسبة لمتطلبات العصر وديناميكيته، ولذلك لم تتقدم خطوة للأمام ولن تتقدم إذا ظلت تدور في فلك تلك الدوامة ،وفي مستنقع التعقيدات الإدارية  العقيمة التي تظلل الفكر الاقتصادي وتتجذر فيه ، ونحن نظل نستمرأ ذلك ونتمسك به .

ولكن كيف الخروج من تلك الحقبة بكل معادلاتها الصعبة ، بدلا من أن نظل نلطم الخدود أو نبكي على اللبن المسكوب؟

والطريق إلى ذلك يبدا من التشخيص الدقيق للمشكلة ، ولا اعتقد أنها تخرج عما ذُكر بالإضافة إلى الفشل في المعرفة أو التحديد الواضح للاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد في المدى القصير والطويل، ثم البدء بالأولويات

ولكن هذه هي الخطوة الأخطر في مشوار الحل ،لأنها ترتبط بعدة أمور مثل من أين وكيف وبماذا نبدأ بدون صدامات مع الواقع؟

ولا شك أن أولى أولويات الحكومات يجب أن تبدأ   بالاستثمار في قطاع الصناعة والصناعات التحويلية  والتكميلية بمختلف مجالاتها،لأنها من الركائز الأساسية لتوفير العملات الأجنبية،

 والمسؤولة عن تحريك وتنشيط الاقتصاد، وهى الأقدر على رفع معدلات النمو، وتوفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، لذلك تعد أحد أهم دعائم الاقتصادات القوية .

ومن هنا وجب الاستعداد بدراسات الجدوى الخاصة بالمشرعات والصناعات التي ترغب الدولة في تنفيذها على المدى القصير والبعيد، ووضع الشروط المتعلقة بها والتي يجب ألا  تتعدى شرطين الأول :هو البدء الفوري في التنفيذ والالتزام بشروط الأمن والسلامة والشروط البيئية   والثاني: التمسك بالتكنولوجيا والتقنيات الأحدث عالميا في كل مجال ، وتحديد موعد الإنتاج الفعلي وخريطة الأسواق المستهدفة للتصدير، وذلك للتمتع بإعفاءات ضريبة لمدة خمس سنوات قابلة للتمديد.وأن يلتزم المستثمر بالالتزام بذلك بمجرد إخطار السلطات بتاريخ بدء المشروع

وهذا يعني أن نتخلص من القدرة الفائقة على صنع العقبات والُمُحبطات،  أو إصدار القرارات والتشريعات والقوانين  المُتسرعة والمُفاجئة بدون دراسة علمية ، التي تضع الكثير من العراقيل والقيود على انطلاق الاستثمارات.

من خلال قوانين بالية تحمل في مجملها أو بين السطور المعاناة الدائمة من الروتين والتعقيدات البيروقراطية المرئية والمخفية، عبر منظومة لوائح وتشريعات أبسط ما يمكن وصفها بأنها مُنفرة وطاردة للمستثمرين،

بعد أن تجعل الحكومات من نفسها وصياً على المستثمرين الأجانب وتملي عليهم تعليمات وشروط توظيف ووصايا تحد من حرية المستثمر في العمل ،

ويبقى دور الحكومات دائما  هو تقديم التسهيلات والمحفزات والسياسات المالية، وتبسيط وتعديل القوانين واللوائح الضريبية والجمركية، وتجهيز البنية التحتية لجذب الاستثمارات من كل دول العالم، تحت شعار «الاستثمار بمجرد الإخطار» .

———————————————

mohmeedosman@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى