القمة التنموية .. والطموحات الاقتصادية
تناقش القمة التنموية الاقتصادية العربية الرابعة في لبنان موضوعات عديدة على جدول الأعمال اهمها الأمن الغذائي العربي ، وإطلاق السوق العربية المشتركة للكهرباء، ووضع ميثاق “استرشادي” لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر،على الر بعد ثلاث قمم سابقة بدأت في الكويت عام 2009 ،والثانية في القاهرة عام 2011 ، والثالثة قمة الرياض في عام 2013، على الرغم من وجود ملفات أكثر قوة وأهمية والحاحا.
وتستهدف القمة تحقيق المزيد من التكامل والتعاون الاقتصادي بين البلدان العربية والبناء على النتائج التي تحققت في القمم الاقتصادية الثلاث السابقة ، خاصة أن العمل الاقتصادي العربي لا يزال يسير على درب المجالات التي تحكمها التوجهات السياسية، و لم تتبلور بعد آلياته باعتباره المحور الهام والاساسي في تكريس العلاقات الاقتصادية العربية ، بالشكل الذي يؤدي إلى زيادة التبادل التجاري والاستثماري بين الدول العربية،بالإضافة إلى نقل الاستثمارات العربية إلى الداخل بدلا من انتشارها في الخارج، وتعرضها للكثير من المخاطر الخارجية ، كما حدث إبان الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008 ، حتى يمكن إقامة بنية اقتصادية واجتماعية ، تحقق انطلاقة قوية وفعلية لعمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية العربية، تجعلها قادرة على الصمود والمنافسة مع التكتلات الاقتصادية العالمية في الشرق والغرب ، خاصة مع تمتع الدول العربية بمواد خام وموارد أولية وبشرية متميزة ذات ميزة نسبية ،لم يتم الاستفادة منها علميا وعمليا بالصورة الصحيحة ،حتى أن البعض يعتبرها عبئا ثقيلا على كاهل وميزانيات الدول ولا سيما مخصصات الصحة والتعليم والمرافق الخدمية ، نتيجة للفجوة القائمة في تأهيل رأس المال البشرى العربي القادر على العمل المنتج والمنافسة مع القوى العاملة الأجنبية ، وهذه من العناصر الرئيسية التي تمكن الدول العربية من طرح رؤيتها التنموية في المحافل والاجتماعات الدولية ، وهى واثقة في إمكاناتها ومواردها وشعوبها ومستقبلها ، في ظل الظروف غير العادية، والتحديات الجسام والصراعات المسلحة،في أكثر من بلد عربي ، التي تستنزف الطاقات والموارد العربية ، والتحديات التي تواجه الدول العربية الأقل نمواً، فضلاً عن التدفقات الهائلة من اللاجئين والنازحين في الدول العربية، حيث تعتبر المنطقة من أكبر مناطق العالم في أعداد اللاجئين والنازحين، والتأثيرات السلبية لذلك في طريق مسيرة العمل التنموي العربي المشترك، ما يضع صعوبات أمام تقدم شعوبنا لسنوات طوال، لتظل تعتمد في اقتصادياتها على دول الغرب ، ويظل الغرب ينهب ثرواتها وينعم باستثماراتها وفوائض أموالها ، على الرغم من وجود عوامل إيجابية في مجال العمل الاقتصادي العربي المشترك منذ قيام منطقة التجارة العربية الحرة، ومحكمة الاستثمار العربية ، واتفاقية حرية تنقل رؤوس الأموال العربية،لذلك من التحديات عدم وجود ، أفكار عملية لجذب الأموال واستثمارها في الدول العربية ، و إنشاء السوق الإلكترونية العربية التي يمكن الوصول من خلالها إلى قاعدة كبيرة من المستهلكين العرب، ولا سيما أن أغلب الدول العربية تعتمد فى عملياتها التجارية على الخارج، حيث إن الصناعة العربية ضعيفة بالمقارنة مع باقى دول العالم، فهى تحصل على احتياجاتها الصناعية من الدول المتقدمة، وكذا تشابه صادرات الدول العربية فهى مواد أولية كالنفط والحديد، وهى منتجات يتعذر زيادة صادراتها إلى الدول العربية الأخرى، وبالإضافة إلى ذلك ضعف الهياكل الاقتصادية العربية من جهة وتشابهها من جهة أخرى، وهذا أدى إلى التخوف من فتح الأسواق العربية على بعضها، لذلك فأن التجارة العربية البينية مازالت تعانى الضعف، رغم إبرام الدول العربية اتفاقيات للتجارة الحرة وتيسير التبادل، حيث إن التجارة البينية بين الدول العربية، وفق آخر إحصائيات لم تتعد 10- 12%، فى وقت توجد مبادلات تجارية متزايدة مع بقية دول العالم الأخرى ، واستمرار بقاء الاقتصاد العربي على هامش منظومة التجارة الدولية بنسبة متواضعة جدا من حجم التجارة العالمية للسلع والخدمات ، الغريب أن كل الخبراء يفندون ويحددون التحديات في المعوقات البيروقراطية والتعقيدات الجمركية والضريبية المتبعه في بعض الدول العربية،بل ويعلمها الجميع من خلال التقارير الاقتصادية التي تقدم لجهات الاختصاص، وهى تشكل عائقا أمام جذب الاستثمارات العربية والأجنبية للمنطقة بشكل عام، بالإضافة إلى القيود غير الجمركية التى تشكل صعوبات أمام جميع أنواع الاستثمارات الصناعية والتجارية، لأنه على الرغم من تخفيض التعريفة الجمركية إلى الصفر لم تحقق زيادة فى التدفقات التجارية، نظرا لعدم التزام الدول بإزالة كافة القيود الإدارية والنقدية والكمية بجانب تحرير السلع العربية من الرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل، حتى أن منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ، التي علقنا عليه الآمال الكبار ، مازالت بلا مضمون ، منذ أن دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من يناير عام 2005، كخطوة مهمة على طريق التنمية والتكامل الاقتصادي العربي، والتي يمكن البناء عليها والانتقال منها إلى مراحل أخرى أكثر تقدما تسهم في إقامة الاتحاد الجمركي العربي، ومن ثم تحقيق السوق العربية المشتركة؛لأن إنشاء منطقة التجارة الحرة ، يعد أحد أهم الخطوات لتشجيع حركة التجارة العربية البينية لأنها تزيد من فرص التكامل بين الأسواق العربية،واستثمار الفرص التجارية المتاحة فيها
خاصة بعد أن تم الاتفاق بين
الدول العربية على تخفيض الرسوم على المنتجات والسلع ذات المنشأ العربي ،وصولا إلى
الغاء هذه الرسوم نهائيا في مرحلة لاحقة ، ومن ثم إنشاء منطقة تجارة حرة عربية
للاستيراد والتصدير،
ومن
هنا فإننا نأمل من قمة بيروت الاقتصادية أن تجد الحل المناسب لأبرز المعوقات التى حالت دون زيادة المبادلات
التجارية بين الدول العربي، والتي كانت لها تأثيرات سلبية على التنمية الاقتصادية
والاجتماعية في مختلف الدول العربية ، فى
غياب الشفافية والحاجة إلى قاعدة معلومات حول التعامل أو التبادل التجارى بين
الدول الأعضاء، فيما يتعلق بالإفصاح عن
كافة الإجراءات الإدارية والسياسات الاقتصادية المختلفة ، التى تشكل عنصرا أساسيا
فى عمليات التنفيذ ، الأمر الذي يلقي بظلاله السلبية على مراحل التطبيق الفعلى
للمنطقة العربية الحرة ، بالإضافة إلى التمييز فى المعاملة الضريبية، نتيجة لاختلاف نسبة الضريبة على السلع المستوردة مقارنة مع النسبة المفروضة على المنتج المحلى مثل ضرائب
المبيعات، ضريبة الاستهلاك، ضريبة الإنتاج أو ضريبة القيمة المضافة، مما يقلل من
فرص المنافسة العادلة مع المنتجات المحلية، كما أن فرض البعض لرسوم الخدمات بنسب مئوية من قيمة السلعة المستوردة له تأثير
مماثل للرسوم الجمركية، وبالتالى يؤدى إلى معاملة تمييزية للمنتج المحلى ، إلى
جانب ضرورة التخلص من القيود الإدارية ،
وكثرة الوثائق الإضافية غير الضرورية التى تصاحب البضاعة والسلع المنقولة ، ومشاكل
النقل بالعبور، وإجراءات التخليص الجمركى وتكاليفها، وكذا الإجراءات المعقدة لفحص
العينات وإشكالياتها عند نقص المختبرات
والكوادر المؤهلة وعمليات التخليص عند المعابر الحدودية، فضلا عن القيود
النقدية والمالية، حيث إن بعض الدول العربية ما زالت لديها قيود على إجراءات
التحويل وتعدد أسعار الصرف ومخصصات النقد الأجنبى، والتشدد فى إجراءات الائتمان ،
و المبالغة فى رسوم تصديق القنصليات على شهادات المنشأ، حيث يتم تحصيلها فى بعض
الدول العربية حسب قيمة الفاتورة، كما أن اعتماد أغلب اقتصاديات البلدان العربية
على إيرادات الجمارك والضرائب لسد احتياجاتها المالية والتنموية، لذلك لنتمنى أن تعالج القمة الاقتصادية هذه البنود التي تعد أكبر
عوامل إعاقة التعاون الاقتصادى العربى