23 يوليو .. وفجر جديد
محمد محمود عثمان
23 من يوليو كان فجرا جديدا على الشعب المصري وشقيقه العماني ففي يوليو 1952 كانت الثورة المصرية التي أثرت على العالم الثالث وعلى قوى التحرر في المنطقة وحتى إمريكا اللاتينية … وكانت سلطنة عمان وشعبها أيضا على موعد مع الفجر الجديد الذي انبلج مطلا عليها وهو يحمل بشرى التغيير والانطلاق إلى مراتب الرقي والتقدم في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970 م،عندما تولى جلالة السلطان قابوس مقاليد الحكم ، فهذا التاريخ يمثل نقطة فارقة وجوهرية في التاريخ الحديث وعلامة على نهضتها الوثّابة التي تتجلى ملامحها في الإنجازات التي تتحقق في كل الميادين وعلى مختلف الأصعدة ، ففي يوم 23 يوليو 1970م بدأت الخطوات الوثابة نحو بناء دولة عصرية قادرة على تحقيق التقدم والسعادة والرخاء للإنسان العماني، فسلكت عمان منذ اليوم الأول – لتولى جلالة السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في البلاد – مسيرة نهضتها المباركة التي حققتها نظرة ثاقبة لجلالته خلال 49 عاما من العمل الدؤوب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتنمويا، فقد أقيمت المؤسسات بهدف بناء دولة عصرية وفق الرؤية والدعائم التي وضعها جلالة السلطان قابوس لتواكب عصرها في ميادين العلم والمعرفة وتحافظ على اصالتها وعراقتها ، وهذا الذي أكد عليه جلالته فيما وعد به الشعب منذ اليوم الأول قائلا :
“شعبي.. إني وحكومتي الجديدة نهدف لإنجاز هدفنا العام.. كان بالأمس ظلام ولكن بعون الله غدا سيشرق الفجر على عمان وعلى أهلها، حفظنا الله وكلل مسعانا بالنجاح والتوفيق”
ولقد خطت السلطنة خطوات وثابة عبر هذه السنوات على الصعيد المحلى بنجاح ، ومدت خطواتها إلى الخارج من خلال السياسة الخارجية التي فرضت الشخصية العمانية على الكثير من القضايا والمواقف الإقليمية والدولية التي كانت مشتعلة واستطاعت الدبلوماسية العمانية احتوائها بحنكة واقتدار
حيث تطغى على السياسة الخارجية ملامح الشخصية العمانية وخبرتها التاريخية المقرونة بحكمة القائد وبعد نظره في التعامل مع مختلف التطورات والمواقف، من خلال نهج السياسة الخارجية الثابت في العقود الماضية الذي أثبت جدواه وسلامته لأنه يقوم على مناصرة الحق والعدل والسلام والأمن والتسامح والمحبة والدعوة إلى التعاون الدولي ،من أجل توطيد الاستقرار وزيادة النماء والازدهار، ومعالجة أسباب التوتر في العلاقات الدولية بحل المشكلات المتفاقمة حلا دائما وعادلا يعزز التعايش السلمي بين الأمم ويعود على البشرية جمعاء بالخيروالرخاء
لأن هذه السياسة منذ الوهلة الأولى في 23 يوليو 1970 م ،ومنذ بزوغ فجر النهضة المباركة دأبت على مد جسور الصداقه وفتح آفاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول ، وفق أسس راسخة قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام علاقات حسن الجوار, واعتماد الحوار سبيلا لحل كل الخلافات والمنازعات بين مختلف الأطراف، وبفضل هذه الأسس تمكنت السلطنة خلال السنوات الماضية من بناء علاقات وثيقة مع كل الدول ،وتمكنت بما اتسمت به من هدوء وصراحة ووضوح في التعامل مع الآخرين من طرح مواقفها والتعبير عنها بثقة تامة، مع الحرص على دعم كل التوجهات و التحركات التي تسير في إتجاه تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة, وامتصاص التوتر.