اقتصاد

منتدى عُمان البيئي.. الابتكار والتكنولوجيا الخضراء في دورته السادسة

حاتم الطائي: خسائر بيئية هائلة في كل أرجاء فلسطين وخاصة غزة إلى جانب الخسائر في الأرواح

السلطنة تتقدم بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وتنوعًا وحمايةً للبيئة

طريق المستقبل- محمد محمود عثمان:

افتتاح منتدى عُمان البيئي  2024 في دورته السادسة  برعاية  صاحبُ السُّمو السيِّد حارب بن ثويني آل سعيد مساعد الأمين العام لمجلس الوزراء للمؤتمرات، تحت عنوان “الابتكار والتكنولوجيا الخضراء”، وذلك بفندق جراند حياة مسقط.

وألقى حاتم بن حمد الطائي الأمين العام للمنتدى رئيس التحرير الكلمة الترحيبية؛ حيث رحّب بالحضور في الدورة السادسة من منتدى عُمان البيئي للعام 2024، والذي تلتئم أعماله هذه السنة تحت عنوان “الابتكار والتكنولوجيا الخضراء”، ليكون القضية الرئيسة محل النقاش والبحث، بحضور كوكبة من الخبراء والمُتخصصين في الشأن البيئي، وبمشاركة مجموعات من الباحثين والدارسين لعلوم البيئة والمناخ والطاقة المتجددة الصديقة للبيئة. واستهل الطائي كلمته بالحديث عن المخاطر البيئية التي تتعرض لها منطقتنا؛ نتيجة سبب واحد لم نستطع حتى الآن القضاء عليه، ألا وهو الحروب؛ إذ إن الحروب والمعارك الدائرة في منطقتنا منذ عقود طويلة ولم تتوقف حتى اليوم، تسببت في دمار هائل للبيئة، وأحدثت مُشكلات بيئية لم تتمكن الدول من تجاوزها، فقضت الحروب على الأخضر واليابس، ودمّرت الدول وأشعلت الصراعات الداخلية التي صرفت أنظار الساسة عن حماية البيئة، ليتفرغوا لصراعاتهم.

أكثر من 26 ألف شهيد

وقال الطائي إن واحدة من الدول التي تعرضت لاستنزاف الموارد، تمامًا كما استنزاف الأرواح، دولة فلسطين الغالية، التي تئن الآن تحت نير حرب همجية بربرية، تشنها القوات الصهيونية بأشد درجات العنف والإرهاب، فإلى جانب الخسائر في الأرواح والتي بلغت أكثر من 26 ألف شهيد وعشرات الآلاف من المصابين وتقريبًا مليوني نازح، هناك خسائر بيئية هائلة، حيث تتعمد قوات الاحتلال جرف الأراضي وهدم البيوت وإشاعة الدمار والخراب في كل أرجاء فلسطين الحبيبة، وبالأخص غزة العزة، فقد اقتلعوا أشجار الزيتون المُعمّرة منذ آلاف السنين، وحرقوا أشجار الزعتر، ودمروا المزارع التي كانت تجود بأفضل أنواع الثمار من الفواكه والخضراوات، ولوّثوا مياه الآبار نتيجة للقصف وتفجير مجاري الصرف الصحي، واختلاطها بالمياه الجوفية، عوضًا عن تفشي الأوبئة والأمراض المُعدية نتيجة للقصف الهمجي للمستشفيات والمراكز الصحية، حتى إنه لم تعد هناك أي خدمات طبية أو إغاثية تُذكر.  وأضاف الطائي أن كل هذا الخراب والدمار أدّى إلى تدمير النسل والزرع، والإخلال بالتوازن البيئي، حتى الطيور لم تعد تجد مأوى لها، والحيوانات الضالة انتشرت في كل أرجاء القطاع، تنقل الأمراض وتُدمر ما تبقى من النظام البيئي المهترئ نتيجة العدوان المُجرم.

مستقبل أكثر ازدهارًا وتنوعًا وحمايةً للبيئة

وأوضح الطائي أن منتدى عُمان البيئي في دورته السادسة ينعقد وعُمان تتقدم بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وتنوعًا وحمايةً للبيئة، تحت القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والذي تفضل بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للحياد الصفري، وإعلان 2050، عامًا للحياد الصفري الكربوني، سعيًا من جلالته- أعزه الله- لتعزيز إسهامات عُمان في حماية كوكبنا من تأثيرات الانبعاثات الحرارية والحد من المخاطر المترتبة عليها وفي المقدمة منها التغير المناخي، خاصة وأن عُمان ليست في منأى عن تداعيات هذا التغير في المناخ، فقد تكشف لنا خلال العقد الأخير مدى تأثر بلادنا بالأعاصير المدارية والعواصف، فضلًا عن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، والأمطار غير المسبوقة وغير المعتادة التي تسقط على مختلف محافظات السلطنة بين الحين والآخر.

الاستخدام المُفرِط للوقود الأحفوري

وأشار الطائي إلى أن الحديث عن التغيرات المناخية وتأثيراتها على الكوكب، يستدعي تسليط الضوء على مُسببات هذا التغير، وفي المقدمة الاستخدام المُفرِط للوقود الأحفوري في الدول الصناعية الكبرى دون اتخاذ التدابير البيئية اللازمة للحد من الانبعاثات الناجمة عن احتراقه، إلى جانب الأنشطة البشرية الضارة بالتوازن البيئي، مثل الرعي الجائر وإزالة الغابات والتوسع في زراعة محاصيل بعينها، واستخدام الأسمدة الصناعية، ونشاط المصانع الكبرى، والزحف العمراني على المساحات الخضراء الآخذة في التقلص لا سيما في المدن والعواصم الكبرى حول العالم، وغيرها من الأسباب البشرية وغير البشرية.

التوظيف الأمثل للتكنولوجيا

وبيّن أن ثمة حاجة ماسة إلى ضرورة التوسع في الأنشطة البيئية الخضراء، من خلال التوظيف الأمثل للتكنولوجيا، وضخ استثمارات في مجالات الطاقة المُتجددة، حتى نشأ مصطلح “الاقتصاد الأخضر” ويُقصد به أي نشاط اقتصادي صديق للبيئة. وقال إنه كما كان لسلطنة عُمان السبق إقليميًا ودوليًا في الحفاظ على البيئة وصون مواردها، فإننا سنحقق التقدم المأمول فيما يتعلق بتوليد الطاقة الجديدة وتبني الممارسات القائمة على حماية البيئة والحد من التلوث.

الحياد الصفري الكربوني

وأشار الأمين العام لمنتدى عُمان البيئي إلى ما أحرزته عُمان من إنجازات في مجالات الطاقة المتجددة؛ سواءً الطاقة الشمسية مثل مشروع عبري 1 و2، وفي طاقة الرياح مثل مشروع محطة ظفار، فضلًا عن توليد الهيدروجين الأخضر، ذلك القطاع الواعد للغاية، والذي بفضل ما تحققه عُمان من تقدم كبير فيه، وقعت عددًا من الاتفاقيات المتعلقة بإنتاج وتصدير هذه الطاقة المستقبلية الصديقة للبيئة، والتي تسرِّع الخُطى نحو أهداف الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.

القدرات الوطنية في الطاقة النظيفة

وأكد الطائي أن حكومتنا الرشيدة أولت رعاية خاصة بإعداد سياسات وطنية وخطط وبرامج تنفيذية للحفاظ على البيئة، وحرصت على وضع دراسات استراتيجية وبحثية من شأنها أن تعزز من الجهود الوطنية في هذا المضمار، علاوة على السعي الحثيث من أجل بناء القدرات الوطنية في مجالات الطاقة النظيفة وصون البيئة، إضافة إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتعزيز الوعي المجتمعي بالطاقة النظيفة؛ سواء من خلال الحملات التوعوية أو بسن تشريعات وقوانين داعمة.

محور “البيئة المُستدامة”

وأوضح أن رؤية “عُمان 2040” تحتل صدارة الاستراتيجيات والخطط الوطنية الطموحة الساعية لتحقيق تقدم كبير في مجال الحفاظ على البيئة، من خلال محور “البيئة المُستدامة”، والذي يرتكز على توجه استراتيجي يتمثل في بناء “نظم إيكولوجية فعّالة ومُتزنة ومرنة لحماية البيئة واستدامة مواردها الطبيعية دعمًا للاقتصاد الوطني”. وقال الطائي إن هذه الأولوية وتوجهها الاستراتيجي تتضمن جملة من الأهداف، تتمثل في إيجاد “بيئة تحقق التوازن بين المتطلبات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والعمل بقواعد التنمية المستدامة”، وتوليد طاقة متجددة وخلق مصادر متنوعة لها، إلى جانب ترشيد الاستهلاك لتحقيق أمن الطاقة، علاوة على العمل على من أجل إيجاد أوساط بيئية ذات جودة عالية وخالية من التلوث، وتأسيس اقتصاد أخضر ودائري يستجيب للاحتياجات الوطنية وينسجم مع التوجه العالمي، وبناء وعي بيئي ملازم للتطبيق الفعال لقواعد الاستهلاك والإنتاج على نحو مُستدام.

وشدد الطائي على أن كل هذه الأهداف الطموحة نشترك جميعًا في تنفيذها؛ سواءً كُنّا نشطاء بيئيين أو مؤسسات مجتمع مدني وجمعيات متخصصة، أو قطاع خاص في نطاق المسؤولية الاجتماعية، إلى جانب الجهود الحكومية في هذا المضمار من مختلف الجهات المعنية.

ربط الابتكار والتكنولوجيا

وتابع الطائي قائلًا: “من خلال أعمال هذا المنتدى وموضوعه الرئيس حول “الابتكار والتكنولوجيا الخضراء”، ينبغي علينا أن نبحث عن حلول ومقترحات تدعم عملية ربط الابتكار والتكنولوجيا الخضراء، مع جهود تنويع اقتصادنا الوطني، لأن المستقبل المنشورد يعتمد بصورة أساسية على الحفاظ على البيئة وصون مواردها، نظرًا لما وصل إليه حال العالم من أضرار بيئية غير مسبوقة، ربما حتى لم يشهدها الكوكب في أسوأ حالاته على مر التاريخ، نتيجة للزلازل أو البراكين أو الكوارث الطبيعية الكبرى، إلى جانب أن وتيرة تزايد خطر انقراض أنواع عديدة من الكائنات المُهددة بالانقراض هو الأعلى على الإطلاق، بدرجة قد تفوق- حسب العلماء-ما تعرض له عالمنا من موجات انقراض سابقة تسببت في اختفاء أنواع مختلفة من الكائنات الحية، على سبيل المثال: الديناصورات”.

وأوضح أن الحديث عن التنويع الاقتصادي القائم على الاستثمار في مجالات الاقتصاد الأخضر، يكشف لنا الآفاق الواعدة لمثل هذه المشروعات في سلطنة عُمان، بفضل ما تزخر به من موارد طبيعية حباها الله بها، منها على سبيل المثال: الطاقة الشمسية، فعُمان واحدة من أفضل دول العالم في القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، نتيجة لدرجة السطوع العالية التي تتمتع بها بلادنا، وانخفاض مستوى الأتربة والغبار، وتوافر المساحات التي يمكن من خلالها إنشاء محطات للطاقة الشمسية، إلى جانب طاقة الرياح. واستدرك الطائي بالقول إنَّ القطاع الواعد للغاية هو الهيدروجين الأخضر؛ نظرًا لما تملكه عُمان من مقومات تساعد على إنتاج هذه الطاقة النظيفة بكميات كبيرة، مع سهولة تصديرها، في ظل ما تتمتع به بلادنا من شواطئ ممتدة وموانئ متقدمة مزوّدة بأحدث التقنيات.

وتحدث الطائي عن أهمية جذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات الطاقة الخضراء؛ سواءً في المشروعات المُنتجة للطاقة، أو إصدار السندات الخضراء، وكذلك إصدر “شهادات الكربون” والتي تُدر عائدات اقتصادية إيجابية، فضلًا عن دورها في توسيع مساحة الرقعة الخضراء.

حماية البيئة وصون مقدراتها

وأكد الأمين العام للمنتدى أن سلطنة عُمان أثبتت حرصها على حماية البيئة وصون مقدراتها، وتجلّى ذلك في العديد من المبادرات والمشروعات الوطنية، مشيرًا إلى أن منتدى عُمان البيئي ومنذ دورته الأولى، أوْلَى حرصًا شديدًا على حشد الخبراء والمُتخصصين والكفاءات الوطنية والأجنبية من أجل طرح مختلف القضايا للنقاش والعرض والتحليل، بما يُسهم في بلورة رؤية بيئية واقتصادية وتنموية متكاملة وشاملة، وهو ما تحقق على مدى السنوات الماضية؛ إذ كان لهذا المنتدى دورٌ أصيلٌ في صياغة سياسات وطرح أفكار وإطلاق خطط وبرامج عمل، أسهمت في دعم جهود حماية البيئة واستدامتها.

وأعرب الطائي عن أمله في أن تسهم هذه الدورة السادسة من المنتدى في دعم الجهود الوطنية الصادقة والمُخلصة، من أجل حماية بيئتنا وكوكبنا بما يتواءم مع الأهداف الطموحة لرؤيتنا المُستقبلية “عُمان 2040”.

تعزيز مستوى تنافسية السلطنة

ومن جهته ثمَّن صاحبُ السُّمو السيِّد حارب بن ثويني آل سعيد مساعد الأمين العام لمجلس الوزراء للمؤتمرات، راعي المنتدى، الأبعادَ التنمويَّة لعنوان الدورة الحالية من المنتدى. مؤكدًا سموُّه أنها تتماشى تمامًا ومستهدفات الانتقال إلى مصاف الدول المتقدِّمة؛ فالابتكار اليوم هو محور ارتكاز الخُطط الإستراتيجية المنفِّذة لرؤية “عُمان 2040″، بفضل العناية السامية التي يوليها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لدعم البحث العلمي والإستراتيجي وتمكين الابتكار، بما يصبُّ في إطار تشكيل بُنية المستقبل الأفضل في كافة قطاعات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، خدمةً لتطور هذا البلد ورفعة شأنه، وتعزيز مستوى تنافسية السلطنة على كافة المؤشرات ذات الصلة.

استثمارات صديقة للبيئة

وقال سموُّه: إنَّ التكنولوجيا الخضراء وتمكين التطبيقات والتقنيات الحديثة النظيفة، أصبحت اليوم أولوية وطنية وإنسانية لمواجهة التداعيات السلبية لتغيُّر المناح وصون الموارد الطبيعية وتحقيق التوظيف المثالي لها حِفَاظًا على البيئة، إضافة لدورها الفاعل في تحقيق التحوُّل نحو الاقتصادِ الأخضَر كمدخلٍ جديدٍ لإدخال التكنولوجيا في مجال الصناعة، وهو ما سينعكسُ بلا شك إيجابًا على منظومةِ الاقتصادِ الوطنيِّ؛ وتسريع جهود التنويع الاقتصادي، من خلال استثمارات صديقة للبيئة تُخفِّف وطأة الأضرار البيئية والصحية على الإنسان والبيئة، كما يُعزِّز التوجُّه نحو “التكنولوجيا الخضراء” من القدرة على البحث والاعتماد على مصادر بديلة للطاقة، وتطوير ومراعاة مُنتجات ومُعدِّات ونُظم تُقلل وتحدُّ من التأثير السلبي للأنشطة الملوِّثة للغلاف الحيوي.

التنمية المُستدامة

وقدّم الدكتور سيف بن علي الحجري المفوض الأممي للتبشير بأهداف التنمية المستدامة 2030 بيانَ افتتاح الدورة السادسة؛ حيث سلّط الضوء على الصناعة الخضراء، وقال إنها كل نشاط صناعي يهدف تحسين نوعية حياة الإنسان، دون أن تتعرض الأجيال القادمة لمخاطر بيئية، وترتكز على إعادة تشكيل وتصويب الأنشطة الصناعية لتكون أكثر انسجامًا مع البيئة وصولا للاستدامة. وأضاف الحجري أن الصناعات الخضراء التقليدية في سلطنة عُمان تأتي من البيئة المحلية وإليها، معرجًا على علاقة الصناعة الخضراء بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030. وأوضح أن الصناعة والابتكار تستهدفان القضاء على الفقر والقضاء التام على الجوع، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والاستهلاك والإنتاج المسؤولين، وإنتاج طاقة نظيفة بأسعار معقولة.

وأشار الحجري إلى أبرز خصائص الصناعة الخضراء، والذي يُمكن أن تقدّمه للاقتصاد، حيث إنها تمثل وسيلة للاقتصاد الدائري تحقيقًا للتنمية المستدامة، كما تساهم في تقليل الاعتماد على مكب النفايات، وتساعد على استخدام الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الطاقة الإحفورية، فضلًا عن الاستخدام الكُفء للموارد الطبيعية في الإنتاج والاستهلاك، ووقف تدهور الدورات الطبيعية، بإمهال الطبيعة للتعافي، وأخيرًا الحد من استنزاف الموارد الطبيعية المتجددة والناضبة.

واستعرض الحجري تأثيرات الصناعة الخضراء على مختلف القطاعات، ومنها قطاع الطاقة والصناعة والتعدين؛ حيث تساعد الصناعة الخضراء في تطوير وتحسين هذا القطاع من خلال الحد من استنزاف الموارد الطبيعية، والاستخدام الكفء والرشيد للطاقة المتجددة، وتطوير طرق التنقيب، والفرز والتخلص الآمن للنفايات المعدنية، والتقليل من انبعاثات غازات الدفيئة والتحلل البيولوجي، وتجويد المنتج وابتكار تصاميم بصورة مُثلى.

أما في قطاع المواصلات والاتصالات، أوضح الحجري أن الصناعة الخضراء تسهم في تطوير وتحسين وابتكار تقنيات رقمية، من خلال تطوير البنية التحتية للمواصلات، وشبكات وتقنيات الاتصالات، وتعزيز قدرة الشبكات على التعامل مع الكوارث الطبيعية والتنبؤ بها، والتوسع في استخدام الطاقة النظيفة وتقليل انبعاثات الدفيئة، والإسهام في التمكن من استخدام السيارات الكهربائية والهجينة.

وأشار الحجري إلى قطاع النفايات؛ إذ تساهم الصناعة الخضراء في توفير معدات وتبتكر طرق وأدوات وتقنيات تضمن إدارة مستدامة للنفايات، والمساهمة في التحول من الطرق التقليدية، إلى إعادة التدوير والاستخدام والحد من إنتاج النفايات، وابتكار تقنيات الجمع والفرز الآمن لجميع أنواع النفايات، واستخدام موارد متجددة، وابتكار مواد استهلاكية آمنة بيئيًا، وإنتاج أدوات ذات عمر افتراضي أكبر، بما يقلل من النفايات الناتجة، وتعزيز ثقافة إعادة التدوير وتبني عادات استهلاك آمنة بيئيًا، وتعزيز الابتكار والبحث والتطوير في التكنولوجيا البيئية، وقطاع مصائد الأسماك، وقطاع الزراعة والمياه، وقطاع السياحة.

ومضى الحجري متحدثًا عن قطاع مصائد الأسماك؛ حيث إن الصناعة الخضراء تسهم في ضمان استدامة مصائد الأسماك وحماية البيئة البحرية، من خلال دمج مصائد الأسماك بالمفاهيم الخضراء؛ بما يحقق الاستدامة، وتطوير الصناعات المتعلقة بعمليات الصيد والاستزراع السمكي، واستخدام الطاقة المتجددة في عمليات الصيد وعمليات التصنيع المتعلقة بها، وتوفير فرص للمجتمعات الساحلية التي تعتمد على صيد الأسماك، وتطوير الصيد من النواحي التكنولوجية والصناعات المتعلقة بها.

وأشار الحجري إلى قطاع الزراعة والمياه؛ إذ تساعد الصناعة الخضراء على تطوير وتحسين القدرات السلالات الزراعية الأكثر تكيفًا، من خلال الزراعة الذكية التي استنباط محاصيل مقاومة للأمراض، وكفاءة استثمار موارد الأرض مع زيادة الإنتاج وخفض الانبعاثات، وتعزيز تحويل المخلفات الزراعية إلى موارد آمنة ومستدامة، وتعزيز الزراعة العضوية والحد من استخدام المبيدات الكيميائية، والتحول إلى مصادر طاقة متجددة لتشغيل الآليات الزراعية، وتحسين إدارة وكفاءة استخدام مياه الري.

واختتم الحجري حديثه بالإشارة إلى قطاع السياحة، من خلال تبنّي ممارسات الاقتصاد الدائري والبنى التحتية صديقة البيئة، والحفاظ على الموارد الطبيعية وتقديم تجارب سياحية مستدامة وجذابة، تعتمد مصادر الطاقة المتجددة، واستخدام موارد صديقة للبيئة، وكذلك سلامة المباني السياحية، وضمان أمنها الذاتي وانسجامها مع البيئة، وأخيرًا تعزيز الوعي بالحفاظ على البيئة والثقافات المحلية.

الهيدروجين الأخضر

وألقى المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني المدير العام لشركة هيدروجين عُمان الكلمة الرئيسية؛ حيث سلّط الضوء على استراتيجية سلطنة عُمان للهيدروجين الأخضر، وما تتضمنه من فرص وتطلعات، علاوة على استعراض دور شركة هيدروجين عُمان وفرص القيمة المحلية المضافة للهيدروجين في السلطنة. وقال الشيذاني إن التوقعات تشير إلى ارتفاع الطلب على الطاقة في عُمان، حيث إن زيادة الناتج المحلي الإجمالي يسهم في نمو الطلب على الطاقة، لا سيما وأن رؤية “عُمان 2040” تطمح لتحقيق معدل نمو سنوي في الناتج المحلي يصل إلى 5%. وأوضح الشيذاني أن التحوّل في الطاقة يمثل مرتكزًا لدعم النمو والتنويع الاقتصادي، من خلال تأسيس صناعة مستدامة قائمة على أنشطة تستهلك كثيرًا من الطاقة وتعتمد على المعرفة والابتكار، كما تسهم في توفير وظائف عالية ونمو مرتفع في دخل الأسرة.

التنويع بعيدًا عن النفط

وأكد الشيذاني أن الاقتصاد الأخضر يوفر لسلطنة عُمان فرصًا اقتصادية، تتمثل في تحقيق نمو اقتصادي يتجاوز الوضع الراهن، مع توطين صناعات جديدة، والتنويع بعيدًا عن النفط والغاز، وتحقيق مرونة أعلى في التعامل مع تقلبات الأسعار، كما يسهم الاقتصاد الأخضر في تحقيق الاستدامة مع التركيز على الفرص التي تحقق إزالة الكربون، وظائف أكثر وأعلى مهارة، لا سيما في القطاعات ذات إمكانات النمو القوية على الصعيد العالمي.

وأوضح الشيذاني أن انتقال الطاقة سيؤدي إلى فتح فرص متعددة في عُمان، باعتبارها مركزًا سياحيًا، وزراعيًا، ومركزً للتزوّد بالوقود والخدمات اللوجستية، ومركزًا للتعدين، فضلًا عن تحولها إلى مركز صناعي وتكنولوجي.

الحد من الانبعاثات الكربونية

وأشار الشيذاني إلى 3 عوامل رئيسة تضع سلطنة عُمان في مركز قوة لاغتنام فرص انتقال الطاقة، وهي: برنامج الهيدروجين الطموح، والموقع الجغرافي والتوقعات الجيوسياسية المناسبة، علاوة على الإمكانات الكبيرة في مجال الطاقة المتجددة. كما أبرز الأهداف الاستراتيجية للسلطنة للمضي قدمًا في قطاع الهيدروجين الأخضر، والتي تتضمن الإسهام في أمن إمدادات الطاقة محليًا وعالميًا، وتنويع الاقتصاد  المحلي وتوسيع سلاسل الإمداد والصناعات المصاحبة وخلق فرص عمل محلية جاذبة، إلى جانب الحد من الانبعاثات الكربونية محليًا وعالميًا، وكذلك خلق قطاع تنافسي للهيدروجين الأخضر بتكلفة تنافسية وجعل البيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأخيرًا دعم الابتكار وتنمية القدرات المحلية لسلطنة عُمان.

وتحدث الشيذاني عن إجراءات عُمان الملموسة لتطوير اقتصاد الهيدروجين، ومنها: تخصيص 50 ألف كيلومتر مربع من الأراضي لمشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر، وإطلاق مزادات الهيدروجين؛ حيث اكتملت الجولة الأولى، بينما يجري العمل على الجولة الثانية، وأخيرًا جرى منح 6 مشاريع لإنتاج أكثر من 925 ألف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030 مع ما يزيد عن 38 مليار دولار من الاستثمارات. وأكد أن عُمان تعد واحدة من أفضل الدول في إنتاج الطاقة المتجددة.

الطاقات البديلة

وقدّمت المهندسة صديقة اللواتية مستشارة جزيئات منخفضة الكربون بأوكيو للطاقة البديلة، ورقة العمل الرئيسية بالمنتدى، حول “مستقبل الطاقة البلدية”؛ حيث سلطت الضوء على سلسلة القيمة وما تتضمنه من الأعمال التجارية واللوجستية، والجزيئات الخضراء، وصناعات الشق السفلي والشق العلوي إلى جانب الطاقة النظيفة. وأضافت اللواتية أن شركة أوكيو للطاقة البديلة تأسست في عام 2020 لتمكين تحول الطاقة، مشيرة إلى أن تحوُّل الطاقة وتقليل بصمة الكربون في عمليات أوكيو ضروريٌ لتحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال حفظ البيئة، وتلبية الالتزامات البيئية، والتميّز التنافسي، وتلبية تطلعات السوق، وتقليل التكاليف، وتعزيز الصورة العامة. وأوضحت أن قسم الطاقة البديلة في أوكيو يرتكز على 4 أركان؛ هي: استراتيجية الحياد الصفري، وكفاءة الطاقة، والطاقة النظيفة، والجزيئات منخفضة الكربون. وتابعت القول إن شركة أوكيو للطاقة البديلة تبنت 4 مسارات واضحة لجعل الأعمال الأساسية لشركة أوكيو مرنة ولتوفير فرصة للنمو وتنويع مصادر إيرادات أوكيو، لافتة إلى أن استراتيجية الحياد الصفري تتضمن كفاءة الطاقة والإلكترونات النظيفة، والجزيئات منخفضة الكربون، والانبعاثات السلبية.

وأوضحت اللواتية فوائد التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة عن الوقود الأحفوري، والتي تتضمن الحفاظ على البيئة؛ إذ يُسهم استخدام الطاقة المتجددة في التقليل من الانبعاثات الضارة والحد من التلوث البيئي؛ مما يساهم في حماية البيئة والحفاظ على التنوع البيولوجي. وأضافت أن الفوائد تشتمل على التكاليف المنخفضة على المدى الطويل؛ إذ إنه على الرغم من التكلفة الأولية العالية، تُقلل مصادر الطاقة المتجددة من تكاليف الصيانة والتشغيل على المدى الطويل، مما يوفر للصناعة فوائد اقتصادية. وتابعت أن الفوائد تتضمن أيضًا الاستقلال الطاقي من خلال تعزيز استخدام الطاقة المتجددة الاعتماد الذاتي للصناعة عن طريق تقليل الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري، وبالتالي تعزيز الاستقلال الطاقي ويُقلل من المخاطر الجيوسياسية والاقتصادية.

إنتاج كهرباء نظيفة

وقالت إنه جرى تعيين شركة أوكيو للطاقة البديلة كالذراع الوطني لتطوير مشاريع الطاقة النظيفة؛ حيث يقوم فريق الطاقة النظيفة بتطوير مشاريع لإنتاج كهرباء نظيفة لكل من شركة أوكيو وكذلك كبار المستهلكين في المناطق الصناعية وامتيازات النفط والغاز. وأضافت أن الشركة تمثل الذراع الوطني لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر؛ حيث يقوم فريق الجزيئات منخفضة الكربون بتطوير مشاريع ضخمة للهيدروجين الأخضر في محافظتي الوسطى وظفار، إضافة إلى ذلك، يقوم الفريق بتقييم مبادرات أخرى تتعلق بالوقود منخفض الكربون.

وبيّنت اللواتية المشاريع الحالية للطاقة النظيفة لشركة أوكيو، وهي: أوكيو للطاقة البديلة، ومشروع الطاقة الشمسية في حقل بساط بسعة استيعابية 35 ميجاوات، ومحطة لوى للطاقة الشمسية بسعة استيعابية 93 ميجاوات، ومشروع أمين بسعة استيعابية 125 ميجاوات. وأكدت أن هدف مشاريع الهيدروجين الأخضر يتمثل في إنتاج واستخدام وقود خالٍ من الكربون للمساعدة في التخفيف من الآثار الناتجة عن الاحتباس الحراري، مشيرة إلى أن مشاريع الهيدروجين الأخضر قادرة على إيصال ومساعدة سلطنة عمان والعالم لإنتاج طاقة منخفضة الكربون، وإضافة مصادر طاقة أخرى إلى موارد السلطنة الطبيعية ذات عوائد مالية واقتصادية. وقالت إن سلطنة عُمان تعد أحد أفضل المواقع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة والعالم؛ نظرًا لاستمرارية إنتاج الطاقة المتجددة على مدار الساعة بفضل وفرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

تطوير 4 مشاريع للهيدروجين الأخضر

وتطرقت اللواتية إلى أن أوكيو للطاقة البديلة تعمل على تطوير 4 مشاريع للهيدروجين الأخضر في عمان، وهي: مشروع صلالة للهيدروجين، والذي يهدف إلى تعزيز مشاريع الأمونيا الخضراء في ظفار؛ حيث يبلغ إجمالي إنتاج الأمونيا السنوي للمشروع ميلون طن، مشيرة إلى أن الطاقة الكهربائية المستخدمة في إنتاج الأمونيا هي طاقة كهربائية نظيفة منتجة من توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية بسعة 4 جيجاوات، كما يحتوي المشروع على محللات كهربائية للمياه بقدرة 2 جيجاوات.

وأشارت اللواتي إلى ثاني المشاريع وهو “مشروع جيو” والذي يمثل تطورًا محوريًا للطاقة المتجددة؛ حيث يُركِّز على تصدير الوقود الخالي من الكربون إلى الأسواق العالمية، مع إمكانية امداد المشاريع المستقبلية في الدقم. وقالت إن إنشاء مشروع الوقود الأخضر من المتوقع أن يؤدي إلى زيادة فرص الاستثمار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، من خلال جذب مشاريع تصنيع وتجميع العناصر الرئيسية للمشروع في الشق العلوي والشق السفلي. وأوضحت أنه يُمكن تطوير مراكز التشغيل والصيانة في الدقم ومناطق أخرى في محافظتي ظفار والوسطى؛ مما سيؤدي إلى خلق فرص تجارية ووظائف في المحافظتين.

وعرّجت اللواتية على المشروع الثالث وهو مشروع “هايبورت الدقم”، وهو مشروع استراتيجي يهدف إلى تطوير مركز لإنتاج الهيدروجين الأخضر في منطقة الدقم بسلطنة عمان، كما يعد خطوةً مُهمةً نحو تعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق التحول الطاقوي في سلطنة عمان؛ إذ يؤدي المشروع دورًا محوريًا في دعم الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة في المنطقة.

التكنولوجيا الخضراء

إلى ذلك، قدم المهندس فادي الفارس مدير عام الاستدامة بالمدينة المستدامة أول أوراق عمل المحور الأول الذي عُقِد بعنوان “التكنولوجيا الخضراء: الفرص والاتجاهات المستقبلية”؛ حيث قدّم ورقة حول المدن المستدامة والحلول البيئية الرقمية. وعرضت المهندسة سبيكة خالد إسماعيل محللة أبحاث بمركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة، تجربة مملكة البحرين في تمكين التكنولوجيا الخضراء،

كما قدمت طَفلة بنت سيف الرزيقية محلل أول أبحاث التكنولوجيا بالشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة “بيئة”، ورقة عمل حول الاستثمار في التقنيات الحديثة وتوظيفها لإيجاد مشاريع بيئية مستدامة (الاقتصاد الدائري). واستعرض الدكتور محمد بن سعود البلوشي الباحث والمختص في الشؤون البيئية تجربةً حول ابتكار جديد لتدفق النفط الخام الثقيل في خطوط الإنتاج. واختُتِمت أعمال المحور الأول بعرض تجربة قدمتها عزاء بنت محمد المالكية الباحثة في الشؤون البيئية والطاقة المتجددة.

إلى ذلك، انطلق المحور الثاني من المنتدى حول “مسارات توطين الاستثمار الأخضر”، وهو عبارة عن جلسة نقاشية أدارها خبير الاستدامة الدكتور مهدي أحمد جعفر، بمشاركة كل من: المهندسة صديقة اللواتية مستشارة جزيئات منخفضة الكربون بأوكيو للطاقة البديلة، والمهندس محمد بن سليمان الكندي المدير الفني للأفكار المستدامة، والمهندس محمد الكلباني مهندس استدامة بالمدينة المستدامة يتي، والدكتور محمد بن سعود البلوشي الباحث والمختص في الشؤون البيئية.

يُشار إلى أن المنتدى هدف في دورته هذا العام إلى المساهمة في تمكين الحلول الابتكارية من التعامل مع قضايا البيئة، من خلال تهيئة منصة نقاش فاعلة وموثوقة أمام الخبراء والمختصين لمعالجات واقعية، وتعزيز جهود الاستفادة من التقنيات المتقدمة لحلحلة تأثيرات تغير المناخ، وحفز الجهود الوطنية لتبني ممكنات جديدة تضمن مستويات متقدمة للتنمية النظيفة.

وانعقدت أعمال المنتدى توازيًا مع الواقع الجديد ومساعي الانتقال إلى الرقمنة الشاملة، بهدف إيجاد حلول عملية للعديد من المشاكل التنموية والبيئية؛ وتمكين الابتكارات الرقمية لمساعدة البيئة، وزيادة إنتاجية الصناعات الصديقة للبيئة وقدرتها التنافسية، وتوليد مصادر جديدة للدخل والاستثمار، وتقليل التكاليف والمخاطر المرتبطة بالتدهور البيئي والتلوث وتغير المناخ، والتي لها آثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى