شعر وادب

صراخات طفل.. . عزيزة!

قصة الأديب المصري ماهر خليل

كان لي صديق عزيز.. وسيم.. منحه الله جسما قويا.. مقسم العضلات.. ولهذا كان يعشق رياضة كمال الأجسام.. عشق الحبيب بحبيبته.. عشق لاعب الكرة بكرته.. لا يفوته مران واحد مع مدربه.. وتخرج من كلية الطب.. فصار طبيبا. كان ولابد من أداء الخدمة العسكريه.. فأصبح طبيبا ضابطا في صفوف الاحتياط بأحدي المستشفيات العسكريه.. المعروفة! وتمر الايام.. انه يريد الزواج.. انه يبحث عن فتاة جميله كالقمر.. تناسب سبحات وجهه.. وكمال جسمه.. وهيبته العسكريه.. ووظيفته الطبيه.. أشارت عليه أمه.. ابنه خالته.. انها بيضاء كالحليب.. قويه البنيان.. يناسب جسمها جسمك القوى.. جميله.. جامعية.. ستكون مدرسه.. يوما ما!.. فوافق وتمت الخطبة.. ومرت الايام.. وتمر عليه حالات مرضيه كثيره.. يوميا! وجاء اليوم.. الذي لاينسي! ما أمر تلك السيدة.. الممتلئة القوام.. انها في الثلاثينات من عمرها!!!انها بيضاء كاللبن المصفي..! ومن هذا العجوز.. القابع بالحجرة بجوار سريرها يتصفح الجرائد اليومية.. صامتا لا يتكلم.. ..ثم ذهب! انه سيادة اللواء.. زوجها لاينجب..! انها زوجته الثانيه.. وربما كانت الثالثة! قرأ التقرير الطبي.. وتم الكشف عليها.. هناك بعض الالام بالكلي.. بسيطه.. لا تقلقي.. سيدتي.. علاجها بسيط.. المناظير الجراحيه.. تفعل الكثير الآن.. ستكونين بخير.. ..هكذا قال. وبالفعل شفيت تماما! أحست بارتياح شديد لهذا الطبيب الشاب القوي المفتول العضلات.. العملاق.. الهادىء النفس.. كأرنولد شوازنجر.. الرابط الجأش.. الخلوق.. الجميل في ابتسامته مثل ريجان في شبابه.. انها تريد الكلام معه.. فلا تقدر.. أحيانا يكون السكوت أبلغ من كلام! دفعه الفضول للحديث معها.. فعلم انها ليس لديها أولاد.. انها مشكلته هو.. أنا حائرة.. ..أليس من حقي أن يكون لى ولد!.. هكذا قالت نعم.. من حقك.. من حق كل انسانه ان تعيش حياتها كما تريد هى.. لا كما يريد شهريار زمانه!.. ..هكذا قال نعم.. أحسنت.. انه طبيب مثقف!.. هكذا كانت تغمغم.. كأنها تحدث نفسها! انها لا تريد الخروج من المستشفي العسكري.. .انها لا تريد فراق هذا الطبيب.. .لقد أصبح صوته يرن في كل خلايا جسدي.. حتي أنفاسه صارت تغوص في أعماق قلبي وعقلي! اني انتظر مروره عليَ حجرتي.. مرور السنوات العجاف.. كسني نبي الله يوسف! لن أخرج! لن أخرج حتي أصارحه بحبي وعشقي له.. ولكن.. كيف وقد جف حلقي وضاع صوتي وأصيب لساني بالخرس.. كلما هممت بمصارحته! وطار النوم من عيني.. ما العمل؟ والحياء مطلوب! ليس هناك الا الدعاء.. يا رب أدعوك.. انت أعلم بحالي مني.. انا متزوجه! خليها تيجي من عندك! وفي الصباح أتي اليها.. لقد صارحها بحبه.. بعشقه لها.. بعد ان ترك ابنة خالته.. في حزنها.. وكمدها!! عند ئذ رضيت بالخروج من المستشفى تاركه عنوانها.. تليفونها.. ووعد بالاتصال.. طلبت الطلاق.. فوافق بعد طول عناء ورفض شديد.. لبعض الاغراءات الماديه.. من مال.. وشقه تمليك..!. .. فرفضت.وأخبرت صديقها.. طبيبها المعالج.. فوافق علي الزواج.. بعد أن أخبرها.. انه ليس من القاهره.. انه لايملك شيئا.. انه من أسره متوسطة الحال.. ان لم يكن للفقر أقرب!! لا بأس.. لا يهم.. أريدك أنت.. أعيش معك.. ولو في حجرة واحدة.. فتزوجها.. ومشي حاملا لحقيبتهما.. .متوجها الي بلدته.. مستأجرا لشقه متواضعة صغيره.. تملأ أركانها السعادة.. وترفرف علي جدرانها مشاعر الفرح.. وعلامات السرور.. وبعد شهر من زواجهما.. كانت صراخات مولود.. تملأ أركان الشقه.. كانت تنتظرها منذ سنوات طويله. انها صراخات طفل.. عزيزة!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى