شهر رمضان .. بين الإسراف والتقتير
بقلم :
محمد محمود عثمان
اصبح شهر رمضان موسما لزيادة النفقات وإهدار الطعام مع أنه شهر الصوم وليس شهر الطعام بعد أن كشفت الأرقام الصادرة حديثًا، عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو، إلى أن هدر الطعام و أن الفرد في المنطقة العربية يهدر في صناديق القمامة في رمضان ما يصل إلى 350 كيلوجرامًا من الطعام.
ويتزامن هذا الهدر مع ارتفاع معدلات الجوع في منطقة الشرق الأدنى وشمالي إفريقيا حيث يعاني 52 مليون شخص نقصًا مزمنًا في التغذية ، بالإضافة إلى المجاعة القائمة في قطاع غزة نتيجة للحصار الذي فرضه العدوان الإسرائيلي على السكان في حرب الإبادة التي وقف العالم أجمع صامتا وعاجزا أمامها .
وهذا الهدر نوع من الإسراف الذي حرمه الدين الإسلامي الحنيف الذي أمرنا بأن نأكل ونشرب و ألا نسرف أو نُقتر على أنفسنا ، وهذه هي الوسطية في الإسلام وهى من أهم المبادئ الاقتصادية التي تضمن التوازن المالي المجتمعي والأسري وهو ما نطلق عليه اقتصاديات الصيام ويتساوى في ذلك المجتمعات الغنية والفقيرة .
وقد سجلت منظمة الفاو أن مصر لديها هدر سنوي حوالي 50% من الخضار والفواكه و40% من الأسماك و30% من الحليب والقمح ، فيما تزداد هذه النسبة في المناسبات الاجتماعية والدينية.وهى تخالف المقاصد الشرعية والاقتصادية خاصة في شهر رمضان والتي يزيد فيه الإنفاق بحوالي 25 مليار جنيه عن باقي الشهور الأخرى وقياسا على ذلك وباعتبار أن مصر الأكبر في عدد السكان عربيا فإن حجم الهدر الغذائي يتفاقم سنويا
والغريب أن هذه الزيادة في الإنفاق تأتي في الوقت الذى تُطبق الأزمة الاقتصادية قبضتها على المواطنين من ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، مع معدلات تضخم مرتفعة وخلل في عشوائية الأسعار .
الذي يصاحب زيادة الطلب و نقص المعروض وما ينتج عنه من المزيد في ارتفاع الأسعار في السوق خاصة في المواد الأساسية الذي ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين .
وبالمفهوم الاقتصادي فإننا نجد أن الاستهلاك الغذائي في شهر رمضان في البلاد العربية والإسلامية مضاعفا قياسا بشهور السنة وهو ضد المنطق الذي يفرض توفير ثلث استهلاك المواد الغذائية باعتبار أن هناك وجبتين فقط للسكان المسلمين في شهر رمضان بدلا من ثلاث.
وليس ذلك فقط بل هناك زيادات مضاعفة في استهلاك الكهرباء نظرا للاهتمام الشديد بمتابعة المسلسلات والبرامج الترفيهية المعدة خصيصا لإلهاء الصائمين عن العبادات في الشهر الفضيل في ظل وجود بعض الإخفاقات والانقطاع للتيار الكهربائي .
لذلك من المؤسف أن يرتبط لدينا أن رمضان هو شهر الأكلات والمسلسلات والفوازير والترفيه والتسلية ، وما لذلك من تأثير على اقتصاديات بعض الدول، الأمر الذي يعكس بجلاء القصور في التوعية الإعلامية والدينية حول أهداف ومقاصد الصيام في شهر رمضان
=======================
*mohmeedosman@yahoo.com