الشيخ أحمد الخليلي: الأمة الإسلامية أحوج إلى البحث المستنير حول القضايا المستجدة
د. شوقي علام مفتي مصر: قضيةُ التجديد هي واجبَ الوقت، وضرورةَ الضرورات
العمانية – طريق المستقبل – محمد محمود عثمان :
استضافت سلطنة عمان ندوة تطور العلوم الفقهية الخامسة عشر تحت عنوان “فقه الماء في الشريعة الإسلامية أحكامه الشرعية وآفاقه الحضارية وقضاياه المعاصرة ” والتي تستمر ثلاثة أيام بمباركة سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم / حفظه الله ورعاه، و بتنظيم وإشراف من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، وتتناولت الندوة عدة محاور تتصل بالأنظمة الإسلامية في فقه الماء وقضايا الماء في الفقه وفتاوى وفقه الماء وتطبيقات التراث الإسلامي وقراءات في فقه الماء وفقه الماء والصراعات المعاصرة وأحكام البحر في الفقه.
من خلال ٥٧ ورقة عمل يشارك فيها عدد من أصحاب السماحة في بعض الدول العربية والإسلامية وعلماء ومفكرون من داخل السلطنة وخارجها.
الحاجة للبحث
وفي البداية أكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام
للسلطنة على أن الأمة الإسلامية أحوج إلى البحث المستنير وباستمرار للقضايا
المستجدة فمن خلال ذلك يتطور
الفقه ، مُشيرًا سماحته إلى أن كل عصر
تظهر فيه قضايا تنجم عن تطور
الحضارة تفرزها هذه التطورات
المتسارعة للحضارة الإنسانية.
وأشار سماحته إلى أن الفقه يتسع لذلك كله
ففيه القواعد الكلية التي تندرج
ضمنها جميع الجزئيات التي تتعلق
بالموضوعات المتعددة فما أحوج الأمة
إلى هذا البحث المستمر والنظر
إلى هذه القضايا المستجدة لتؤطر في إطار
الفقه الإسلامي مؤكدًا أن قضية
الماء هي قضية مهمة لأنه روح الحياة .
وأكد سماحته على فضل الله تعالى في
بقاء الماء ليكون روحا لهذه الحياة فكان
من الواجب أن تُشكر هذه النعمة
أيما شكر لأن الله سبحانه وتعالى أوجب
على عباده شكر النعم ومن لا
يشكر نعم الله فقد كفره .. مؤكدا سماحته
على أهمية المحافظة على الماء
وعدم الإسراف فيه.. مشيرًا إلى أهمية
التوسط فبه تبقى النعم كما هي
ويكون فيها شكر لهذه النعمة التي أنعمها
الله بها لعباده.
وقال سماحته إن هذه البحوث المتعددة في بيان
هذه النعمة العظيمة وبيان
المحافظة عليها من خلال
الاجتهاد الذي كان عبر القرون الماضية والذي لا
يزال مُطردًا والحمد لله فإن بابه
لم يغلق في أي وقت من الأوقات ويجب أن
يبقى باب الاجتهاد مفتوحًا.
فقه الماء والقضايا المعاصرة
كما أكد سماحة الأستاذ الدكتورشوقي علام، مفتي جمهورية
مصر
على أهمية فقه الماء وما يتطرق إليه خاصة مع القضايا المعاصرة له معربًا عن شكره للقائمين على الندوة،
و
سروره واعتزازه بالمشاركة في هذه الندوة العلمية في
نسختها الخامسة عشرة برعاية كريمة سامية من صاحب الجلالة السلطان
قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه،
مشيرا إلى أن قضية التجديد والتطوير في البحوث الفقهية من أهم القضايا التي تشغل بال أهل العلم في العالم الإسلامي في وقتنا الحاضر، هذه القضية التي برزت على أغلب منصات المؤتمرات العلمية العالمية، وتردد صداها في أروقة البحث العلمي الأكاديمي، حتى أصبحت قضيةُ التجديد هي واجبَ الوقت، وضرورةَ الضرورات
الماء من القضايا التي تشغل العالم
وقال سماحته : إن قضية الماء من القضايا التي تشغل بال العالم كله الآن ، وهي قضية ذات أبعاد جغرافية وتاريخية وسياسية واقتصادية متشعبة ومعقدة، فالموارد المائية على اختلاف أنواعها تلعب دورا أساسيا في الحياة الاقتصادية والسياسية للدول والشعوب، ويثير الاختلاف حولها كثيرا من الأزمات والمشاكل السياسية، لذلك اهتمت القوانين الدولية الحديثة بعقد الاتفاقيات وإبرام المواثيق الدولية التي تحافظ على الحقوق المشتركة بين دول المنبع ودول المصب، بما لا يضر بمصالح الشعوب، وبما يحقق أفضل استغلال للموارد المائية في كافة المجالات الصناعية والزراعية ومجالات الكهرباء والطاقة دون نزاع أو شقاق.
لأن الأزمات تحدث وتنشب الحروب والصراعات بين الدول بسبب الجور والطمع والخروج عن المواثيق والمعاهدات الدولية التي وازنت بين الحقوق والواجبات بميزان الحق والعدل
مسايرة متطلبات العصر
وقال مفتي جمهورية مصر : بالتجديد يتسنى لنا أن نساير متطلبات العصر والواقع، وأن نحقق مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء من غير إخلال بالثوابت أو إهدار لأي معلوم من الدين بالضرورة، ومصطلح التجديد والاجتهاد بين كل منهما من التلازم والاطراد والارتباط ما يكاد يجعلهما وجهان لعملة واحدة، فالتجديد من لوازم الاجتهاد الصحيح؛ لأن الاجتهاد معناه بذل الفقيه وسعه في استنباط الحكم الشرعي، ويدخل في هذا المعنى بالضرورة فقهُ النوازلِ المعاصرة والقضايا المستحدثة التي لم يرد فيها نصٌّ شرعي، وإنما يكون ذلك بإدراك علل التشريع وأسراره التي هي مناطات الأحكام الشرعية، والتي يتوقف على معرفتها وإدراك مسالكها في نظر المجتهد عمليةُ الإلحاق أو القياس بشكل تام
وأضاف سماحة الدكتور شوقي علام بأن إدراك الواقع وفهم تطوراته ومتغيراته ركن ركين من أركان التجديد والاجتهاد، ولن تثمر أية جهود للتطوير والتجديد ثمرة حقيقية إلا بدراسة الواقع والتعمق في علومه وفهم تفاصيله وما يطرأ على أعراف الناس وثقافاتهم من تغيير إيجابي أو سلبي، قال الإمام القرافي رحمه الله: «فمهما تجدد العرف اعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، إذا جاء رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك، فلا تجرِهِ على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأفته به دون عرف بلدك، والمقرر في عرف كتبك، فهذا هو الحق الواضح والجمود على المنقولات أبدًا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين
النموذج المعرفي الإسلامي و ثورة الحداثة
وأوضح الدكتور شوقي علام بأنه قد يتصور بعض المشتغلين بعلوم الشريعة الإسلامية المهتمين بقضايا التجديد أن إدراك الواقع قاصر على مجالات النوازل والمستجدات الفقهية فقط، وحقيقة الأمر أن هناك مجالات أخرى أوسع وأرحب تتعلق بالمفاهيم والتصورات العامة الكلية للوجود والحياة والغاية التي يجب أن يتغياها الإنسان من كل معتقداته وأفعاله وتصوراته، أي ما يتعلق بالنموذج المعرفي الإسلامي الذي يواجه ثورة حداثية معرفية شرسة تهدم الثوابت وتقلب الموازين وتعبث بالمفاهيم وتغير التصورات وتتلاعب بالمصطلحات، وهذا النموذج المعرفي الذي يعرف الآن بالعولمة ينطلق في الأساس من إنكار المطلق ومن الاعتقاد بنسبية القيم والأخلاق وتهميش رسالات الأديان، وهذا النموذج ينبغي مواجهته بالنموذج المعرفي الإسلامي بقيمه الأصيلة وبثوابته الراسخة وبأخلاقه المحمدية، لأن نموذج العولمة يحمل في طياته شيوع الفوضى والدمار والفتن والهلاك، وهذا المجال من أهم مجالات التجديد في مجالات الفكر الإسلامي.
لفظ الماء في القرآن الكريم
وقال مفتي جمهورية مصر العربية: لقد تعدد ذكر لفظة الماء في القرآن الكريم ثلاثة وخمسين مرة، فوردت مفردة ماء (منكرةغير معرفة) (34) أربع وثلاثين مرة ووردت لفظة الماء (17) سبع عشرة مرة معرفة بالألف واللام، ووردت مرة واحدة مضافة إلى الضمير في قوله تعالى (أخرج منها ماءها ومرعاها)، وقد ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم جميع صور وأحوال المياه من مياه أمطار وبحار وسحاب وعيون وأودية وهذا يعني أن القرآن الكريم قد احتفى بذكر الماء واهتم به، ومن عظيم
حضر الافتتاح عدد من أصحاب المعالي الوزراء
وأصحاب السعادة الوكلاء
والمستشارين والمكرمين أعضاء
مجلس الدولة وأصحاب السعادة أعضاء
مجلس الشورى وعدد من المشايخ
وأصحاب الفضيلة القضاة والمسؤولين
والمهتمين في هذا الجانب.