رسائل البريد .. وسرعة السلحفاة
محمد محمود عثمان
البريد من وسائل نقل الرسائل وأصول المستندات من قديم الزمن، لم يفقد أهميته بعد للمشاركة في الأنشطة الاقتصادية والتجارية ،على الرغم من تعدد وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة ، وتطورها مع استخدام الإنترنت ، واستخدامها في التجارة الإلكترونية وتبادل المستندات والبيانات والمعلومات، وإجراء وعقد الصفقات ، بما يهدد بسحب البساط من تحت اقدام البريد وخدماته المتنوعة كوسيلة تقليدية في تبادل الرسائل والمستندات ،وتقديم الكثير من الخدمات ، وإن كان استخدام البريد الدولي العاجل قد أضفى قيمة مضافة للبريد كخدمة من الخدمات الهامة بالنسبة للشركات والأفراد ورجال الأعمال، في إرسال واستقبال أصول الأوراق والرسائل والشيكات والحوالات البريدية والمستندات العاجلة وبعض الطرود ، من مختلف دول العالم خلال يومين أو ثلاثة أيام على الأكثر ، مما سهل الكثير على رجال الأعمال في إنجاز معاملاتهم المالية والإدارية ، والأثر الإيجابي لذلك على دوران عجلة الإنتاج وعلى الأنشطة الاقتصادية بشكل عام
لكن الواقع لا يعكس هذه الأمور،حيث تحولت السرعة إلى بطء؛كسرعة السلحفاة أو أبطأ في بعض الأوقات ؛إذ أصبحت بعض الممارسات المترتبة عن الخطأ أو الإهمال أوعدم الخبرة أولجميعهم، تتطلب المحاسبة والمساءلة القانونية من قبل الجهات المسئولة في وزارة النقل والاتصالات أو من هيئة البريد ، ولا نقول ذلك من فراغ أو افتراء ، حيث انتظرت رسالة مسجلة من بريد مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري بتاريخ 17 يوليو الماضي ولكن رسميا لم اتسلم الرسالة المسجلة ولم اوقع على استلامها ،وإن كانت قد وصلتني بالبريد العادي ، لأنه بعد تأخر وصولها ، اسفسرت عنها في البريد الرئيسي بالسيب فوجدتها وصلت السلطنة بتاريخ 31 يوليو ورقمها المسجل هو : RR925324316EG ، وقالوا إنها تأخرت لأنها بدون بيانات وتم تحويلها بالبلاغ رقم 188902 في 5 أغسطس إلى بريد روي حيث استغرق وصولها الميمون من السيب إلى روي أربعة أيام وهي مسافة لا تتعدى 40كم يمكن أن تستغرقها السلحفاة في عدة ساعات ، حيث وجدت الرسالة في صندوق البريد في تاريخ 8 أغسطس الجاري كرسالة عادية وبدون أرقام أو أختام تثبت تواريخ الوصول أو توضح مسارها ، وهى حالة غريبة تجسد إهدار الوقت وضياع المصالح نتيجة التأخير أو الإهمال أو كليهما ، بغض النظر عن أهمية الرسالة أو مضمونها أو الأضرار التي نتجت عن ذلك ، في الوقت الذي نسعى فيه إلى تحسين نوعية الخدمات البريدية وتطويرها وإدخال خدمات جديدة ، لتكون قادرة على المنافسة ،ولمواكبة التطورات والمستجدات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والاستجابة لمتطلبات السوق والأفراد؛ حيث تقوم بعض شركات البريد الدولي السريع في أوروبا بنقل بضائع وأدوية ومعدات وأثاث وأدوات طبية وكتب ومراجع علمية غاية في الأهمية ، وتحف وهدايا وطرود وتوصيلها من الباب إلى الباب ،في توقيتات موقوته ومعلومة ، مع تحملها المسؤولية عن التأخيرإذا حدث لأي سبب من الأسباب غير الظروف القاهرة ،
والغريب في الأمر أنني وجدت الرسالة كاملة البيانات والوضوح ، بها الاسم ثلاثي ورقم صندوق البريد والرمز البريدي ، وهاتف المرسل إليه ولذلك نطرح سؤالا وهو هل يمكن أن يرسل البريد المصري رسالة بدون بيانات ؟ ومن المسؤول ؟ وهل لا يعترف البريد العماني بكل هذه البيانات المسجلة على الرسالة ؟وحتى لا نظلم البريد العادي فإننا نجد المشكلة أيضا مع شركات البريد السريع ، حيث انتظرت رسالة بالبريد الدولي السريع مرسلة من إيطاليا إلى مسقط ، استغرقت من ميلانو إلى مسقط يومين فقط وفق الأختام التي وضعت على المظروف ووصلتني الرسالة من مسقط بعد ثمانية أيام من وصولها ، ولم يكن ذلك مصادفة لأنه بعد أسبوعين وصلتني رسالة من أوروبا أيضا ، ولكن أسرع بعض الشيء فقد استلمتها بعد وصولها إلى مسقط بأسبوع كامل ، فأي سرعة في ذلك ، وما هي الإشكالية التي تعوق شركات البريد الدولي السريع في أداء رسالتها كما ينبغي أن يكون باعتبارها خدمة مدفوعة مسبقا وتحكمها اتفاقيات دولية ومحلية .. وهل السبب هو عدم وجود رقابة كافية أو نقص إمكانيات أو إهمال وسوء إدارة أو عدم اعتراف بأهمية الوقت ودورة في تقدم الأمم والشعوب ، والاستفادة منه في العمل وزيادة الإنتاج أو كل هذه الأشياء؟ وماذ يعني أن ترسل رسالة بالبريد المسجل وتتتحمل تكلفتها المادية ضمانا للحفاظ على الرسالة ومحتوياتها وأن تصل هذه الرسالة للمرسل إليه بالبريد العادي ؟