حماية المستهلك .. وعروض الأعياد
محمد محمود عثمان
تعود المستهلك على انتظار عروض التخفيضات التي تقدمها المحلات التجارية الكبرى خاصة في مناسبات الأعياد ومواسم العودة للمدارس ، ولكن معظم العروض التي تقدم أو جميعها لا تمثل تخفيضات ذات قيمة أو انها تحدد بعض السلع والمنتجات التي لا تجد اقبالا من المستهلكين واعتبرها البعض مجرد دعاية خاوية من المضون الحقيقي ، وأفزعنى اكتشاف تطور عمليات التسويق عبر المنصات الألكترونية لبيع سلع ومنتجات الكترونية وكهربائية مقلدة أو مغشوشة ، وتحمل علامات تجارية عالمية مزورة ،ومستحضرات تجميل وعطور ومجوهرات وأدوات مدرسية من حقائب وأدوات القرطاسية ، خاصة أن السوق العربية سوق مستهدف ومفتوحة أمام كل المنتجات والصناعات العالمية باعتبارها السوق الواعد، والأكثر استهلاكا ، خاصة في منطقة الخليج العربي ذات القوة الشرائية الهائلة ، و التي تتميز بمجتمع الرفاة الذي يستوعب كل التكنولوجية و الصناعات الحديثة،
كما افزعني أيضا خبر حول اكتشاف أكثر من 20 ألف سلعة فاسدة أو منتهية الصلاحية ،أوتم إعادة تعبئتها باحجام وأشكال مختلفة و بتواريخ إنتاج جديدة ،في منطقة الخليج خلال شهر واحد ، مما يدل على مدى الاستهتار بصحة الإنسان ومدى إنعدام الضمير ، وأشد ما أفزعني أن بعض هذه المخالفات ترتكب في مراكز التسوق الكبرى ، لأنه على الرغم مايتم اكتشافه فإن ما خفي كان أعظم ، ومن الأخطر أنه ليس معقولا ولا مقبولا أن نجد سلعا طازجة مسجل عليها تاريخ إنتاج اليوم للأسف في بعض “الهايبرمركات الكبرى “ولكن عند استخدامها تجد رائحتها تدل على أنها ليست طازجة، أو ملوثة بالأتربة والرمال ، ما يتطلب ضرورة إجراء عمليات متابعة يومية ،و سحب عينات عشوائية من المنتجات الطازجة وإحالتها لمعامل التحليل للتأكد من مدى سلامتها وتأكيد نظافتها و طازجيتها ، حماية للمستهلك، وضمانا لصلاحية الاستخدام ، إذ كيف يمكن أن يثق المستهلك فيما تقدمه مراكز التسوق الكبرى، وكيف يثق في جودة وصلاحية السلع الغذائية التي تعرضها؟ وهل هناك تقصيرما، من المستهلك أو من حماية المستهلك أم من السلطات البلدية والصحية ، أم ربما من الجميع؟ خاصة في ظل تضخم حجم الاستهلاك ،لأنه مع تنامي الاستنفار الاستهلاكي ،الذي يصاحب الإعلان عن تقديم تخفيضات في مواسم الأعياد والعودة للمدارس يرتفع الطلب إلى حد كبير وتزداد القوة الشرائية ، التي يستغلها البعض ويجد فيها الفرصة السانحة لتوزيع السلع غير الصالحة للاستخدام ، أو منتهية الصلاحية ، ومن الغريب أن يصاحب ذلك موجة من ارتفاع الأسعار لن تتمكن الجهات الرقابية من ضبطها أو متابعتها في ظل اقتصاد السوق الحر، ولا سيما أسعار السلع المستوردة من الخارج ، والتي ليس لها منافس أو بديل في السوق المحلي ، لأن الزيادة في الطلب ينتج عنها ارتفاعات للأسعار خاصة المواد الغذائية ، ويصاحب ذلك جشع بعض التجار ومحاولات الغش وتقديم سلع أقل جودة أو مقلدة أو تالفة ، أوأن يتم مزج بعض المنتجات المنتهية الصلاحية مع أخرى قد شارفت على الانتهاء بذات الأسعار ، وربما بأغلى من سعرها المعتاد، الأمر الذي يتطلب تقوية آليات الرقابة على الأسعار ، وعلى جودة السلع ومدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي ومطابقتها للمواصفات والمقاييس والمعايير المعتمدة ، حفاظا على صحة المستهلكين وصحة المجتمع ،ومن خلال تفعيل نظام رقابي صارم من قبل الجهات المختصة، بالتعاون بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني وبعض المتطوعين من الشباب ، وجمعيات حماية المستهلك ، حتى يمكن أن نحد من آثارالغلاء ونحصن ذوي الدخل المحدود والمستهلكين عموما من عمليات الغش المقصود أو تلاعب التجار ،وأيضا حمايتهم من لهيب الأسعار التي تصاحب هذه المناسبات من كل عام ، لأنه إذا كان ذلك يحدث في المراكز التجارية الكبرى ذات السمعة والأسماء العالمية، فكيف يمكن أن يكون الحال في المحلات الصغيرة؟ وإذا كنا لا نقلل من جهد المسؤولين في حماية المستهلك إلا أن الأمر يتطلب تكثيف الحملات الرقابية على فترات متقارية ، وإيجاد آلية فعالة لمتابعة عمليات التعبئة والتغليف في مراكز التوزيع أو البيع بالجملة، التي تتم بها بداية المخالفات للتأكد من صحة الإجراءات وسلامتها في المنبع ،والتأكد كذلك من سلامة عمليات الحفظ والتخزين ووسائل النقل وألا يكتفى بذلك بل مواصلة المراقبة والفحص في منافذ البيع أو منافذ التجزئة، وكذلك التأكد من الفحصوات الطبية الدورية للعاملين من الجنسيات المختلفة في مجالات تعبئة وبيع وتصنيع الأغذية والمأكولات السريعة ، تحسبا من انتشار الأمراض المعدية ، كذلك ضرورة متابعة قائمة الأسعار بعد التخفيضات والتنزيلات التي يعلن عنها لأن بعضها وهمي، وربما نكتشف أن تكون الأسعار مرتفعة أكثر حتى من قبل الإعلان عن هذه التخفيضات ، والذي يعد نوعا من الغش المقنن .
———————————-