المناطق الصناعية .. والدور المفقود
محمد محمود عثمان
الصناعة أهم عناصر التقدم الاقتصادي وأهم مرتكزات التنمية الشاملة الحقيقة ،باعتبارها القطاع المؤهل لجذب الاستثمارات الأجنيبة المباشرة ، والحاضن الأساسي لتوطين التكنولوجيا الحديثة ،وهى المحفز المحلي الأول لاستقطاب الاستثمارات الوطنية وتشجيع القطاع الخاص للمساهمة في خطط التنمية الاقتصادية ، إلى جانب جلب التقنيات المتطورة والتدريب عليها ونقل الخبرات بالشراكة أوالتعاون مع الشركات الأجنبية الكبرى ذات الاسم والمكانة في السوق العالمي ، والتي تسعى في الوقت ذاته إلى التواجد في الأسواق الجديدة ، لذلك تعمل الاقتصاديات الناشئة على إنشاء العديد من المناطق الصناعية ،لأنها تعد البيئة الملائمة للاستثمار الصناعي ،نظرا لتمتعها بتوفير البنية الأساسية والفوقية التي تفي بمتطلبات مختلف أنواع الاستثمارات التي تعمل على تنشيط الحركة الاقتصادية ،وتسهم في توفير فرص عمل جديدة، بعد أن تخلت – أو عجزت – معظم الحكومات عن عمليات التوظيف وأغلقت أبوابها أمام الباحثين عن عمل ، لذلك يأتي الدور الإيجابي للمناطق الصناعية باعتبارها الملاذ المنشود- خاصة مع دورها المفقود – في مواجهة طوابير الخريجين الطارقين لسوق العمل، في ظل تناقص فرص العمل المتاحة ، التي نتجت عن الانكماش الاقتصادي الذي صنعه وباء “كورونا “وتأثرت منه كل اقتصاديات العالم بدون استثناء ،وعلى ذلك فهناك دور محوري للمناطق الصناعية لتشجيع إقامة الصناعات التي يحتاجها المجتمع بدلا من استيرادها من الخارج ، لتعزيز الصناعات المحلية و لتغطية متطلبات السوق كخطوة أولى ، ثم التوجه للتصديرللأسواق الخارجية والتواجد بقوة في التجارة الدولية كخطوة تالية ، وهذا لا يتأتى بالتمني ،ولكن بالتخطيط الجيد أولا: من خلال المعرفة التامة بقدرات هذه المناطق وامكانياتها الصناعية ،والوقوف على نواحي الضعف أو القصور، ووضعها تحت المجهر بحثا عن الحلول الناجعة ، التي تسهم في الاهتمام بمخرجات القطاع الصناعي،والوقوف على اسس تطويرها لتأدية دورها في الاقتصاد الوطني وثانيا : استكمال كل البني التحتية والفوقية التي تؤهلها لذلك،وثالثا : التنسيق الكامل مع القطاع الخاص للمشاركة الجادةوالايجابية للاستفادة من قدراته وتطويرها ودعمها في الوقت ذاته ورابعا : التعرف على الطاقات المتوافرة من المواد الأولية الخام التي يمكن أن تدخل بنسب كبيرة في مكون الصناعات المحلية والتحويلية وخامسا :الكشف عن الصناعات القائمة ومدى قدرتها على تحقيق قيمة مضافة حقيقية وسادسا : التعرف على المميزات النسبية في هذه المناطق ومدى قدرتها على المنافسة وسابعا : الوقوف على موقعها من الصناعات في المناطق المجاوة اقليمياوعالميا وثامنا: تقيم شامل وموضوعي للمشروعات والصناعات القائمة ومدى قدرتها على العطاء والتوافق مع متطلبات المرحلة القادمة لتكون في حوزة متخذ القرار وتاسعا :إعداد دراسات جدوى للمشروعات الاستثمارية التي يحتاجها القطاع الصناعي لتكون جاهزة أمام المستثمر لتشجيعة على تبني المشروعات التي تناسبه والتي هى من مكونات الخطط والاستراتيجيات الوطنية ، وتحقق متطلبات التنمية المستدامة
وعاشرا: أن تتمتع المناطق الصناعية ببعض أو كل مميزات المناطق الحرة لتقديم حزم متنوعة من التشريعات المحفزة لتشجيع جلب الاستثمار ات الخارجية والتمتع بالتسهيلات الضريبية والجمركية والتمويلية
الحادي عشر:وضع استراتيجة لترويج هذه المشروعات في الخارج ،بإنشاء بعض المراكز الإعلامية المتخصصة في العواصم الاقتصادية الكبرى في العالم – مدعمة بخبرات صحفية وإعلامية متمرسة – لتلعب الدور الأساسي في التواصل مع وسائل الإعلام الأجنبية وشركات العلاقات العامة ، ووكالات الدعاية والإعلان ومؤسسات الخدمات الإعلا مية بما لها من علاقات ، باعتبار أن القوة الناعمة لها تأثيرات إيجابية في التواصل وخلق جسور للاتصال مع كبار الشخصيات الصناعية والتجارية والمسؤولين بالشركات والمصانع الأجنبية ،
من خلال العلاقات غير الرسمية مع المستثمرين وإمدادهم بالمعلومات الخاصة بالاستثمار، بعيدا عن البروتوكولات والرسميات التي تمثل عائقا كبيرا يحد من عمليات التواصل الاقتصادي مع المجتمعات الخارجية، ويتيح ذلك سهولة
التواجد مع المستهلكين في الأسواق الخارجية للتعرف على أذوقهم وتفضيلاتهم وقياس القدرة الاستهلاكية واتجاهات وسولكيات المستهلكين ،من منطلق الإيمان بأهمية تنويع مصادر الدخل القومي وتنمية بيئة الأعمال ، والترويج والدعاية للمنتجات الصناعية المحلية لتجد لها مكانا في السوق العالمي المفتوح أمام الجميع ،ممن تتوافر لديهم المعايير والمواصفات والمقاييس العالمية مع الجودة العالية والسعر التنافسي ،
وبغير ذلك لا يمكن أن تتحقق أهدافنا لتنويع مصادر الدخل ،في ظل التحديات القائمة والقادمة مع تذبذب أسعار النفط وتوقف عجلة الانتاج ودولاب العمل لفترات طويلة وإفلاس وتعثر الكثير من الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية ، التي أثرت على الدخل القومي الاجمالي وعلى دخل الأسر والأفراد، و تحتاج إلى وقت وجهد ورأس مال حتى يمكن أن تعاود أنشطتها الفعلية بكل طاقاتها ، خاصة أن العالم لا يعلم يقينا متى يتخلص من الآثار السلبية لوباء “كورونا”