الشورى العمانية .. كثافة نسائية وتفوق رجالي
محمد محمود عثمان
شاركت المرأة العمانية بكثافة غير معهودة في انتخابات الدورة التاسعة للشورى العمانية ،التي أجريت بنجاح مشاركة وتنظيما ، بعد أن أجريت فى مناخ يتسم بالشفافية و حياد الحكومة، من خلال عمليات التصويت الألكتروني الكامل ،مع التصويت عن بعد للمغتربين في الخارج ، والتي تتم للمرة الأولى،ولا شك أنها نقلة نوعية تجسد استراتيجية “التدرج المحسوب” التي تنتهجها السلطنة منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي في سياق بناء نهضتها الحديثة، بعد أن بلغ عدد الناخبين 713 ألفا و335 ناخبا ، ومثلت المرأة 47.3% منهم ، وبلغ عدد من يحق لهن التصويت 337 ألفاً و534 امرأة ، وهى نسبة كانت كافية لأنجاح أكبر عدد من النساء المترشحات ،أو جميعهن اللائي بلغن ولأول مرة في تاريخ مجلس الشورى 40 مترشحة ، و احتلت بعضهن المساحة الأكبر من الإثارة والتفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي حركت الكثير من التوجهات الجديدة في الشارع العماني نحو دور المرأة العمانية ومواصفاتها والخروج من الموروثات القديمة،التي ستأتي ثمارها في الدورات القادمة ، وهذامؤشر إلى وجود العديد من التحديات والاشكالات التي ترتبط بمجملها في الثقافة البرلمانية المجتمعية في مفهومها المؤسسي الحديث، لكونها ما تزال في طور النمو والتطور وتحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد والوعي والتوعية لتتمكن المرأة من ممارسة دورها التشريعي والرقابي الكامل، بعيدا عن قيود العادات والتقاليد التي لازالت تكبل حركة المرأة بل والمجتمع في عدم منحها الثقة التي تمكنها من إظهار قدراتها والتعبير عن رؤيتها في كثير من القضايا والمشاكل ، بما يمثل عائقا أمام انطلاق المرأة العمانية في القيادة والتنمية ، بعد أن نجحت وتميزت في كثير من المواقع الحكومية أو في القطاع الخاص ، ومن هنا فإن الأمر يحتاج إلى المزيد من التركيز على إيجاد ثقافة انتخابية تصويتا وترشيحا لدى الناخبين وخاصة لدى المرأة ،لصياغة رؤية مستقبلية واضحة للمشاركة الإيجابية للمرأة العمانية في العملية الانتخابية ، تحت مظلة من الدعم المجتمعي من وسائل الإعلام وجمعيات المجتمع المدني ،حتى ترتفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس لتكون معبرة عن حجم الكثافة التصويتية النسائية، لأن في الدورة السابقة فازت إمرأة واحدة من بين 20 امرأة وكتبت مقالا في الشبيبة في عام 2015بعنوان “
ونجحت الشورى العمانية .. ولكن امرأة واحدة لا تكفي”،والآن نقول حتى امرأتان لا تكفيان في ظل الكثافة النسائية التي شاركت في التصويت وخذلت المرأة، لأنها لازالت تنحاز للرجل بشكل واضح ، في مقابل العكس من الرجل ، و ظهرذلك جليا في العدد الضئيل جدا لعدد الناجحات في هذه الدورة ، والتي شاركت فيها المرأة بكثافة ، وهذا يشكل عائقا حقيقيا أمام المشاركة الفعلية والفاعلة للمرأة في الحياة البرلمانية ، على الرغم من وجود الكثير من النساء المؤهلات لتحمل مسؤولية العمل العام ، من خلال مجلس الشورى وبما لديهن من خبرات حياتية في مختلف مناشط الحياة العملية ، التي تؤثر في مختلف النواحي والمجالات الاقتصادية والاجتماعية ،ومنهن من يتقلد مناصب عليا في الدولة ، من وزيرات ووكيلات وزارة وسفيرات ،و أساتذة في الجامعات والكليات ، ومهندسات وطبيبات ومعلمات وصحفيات وشرطيات وعاملات في المصانع والشركات، وهذه التشكيلة من الخبرات المتنوعة يمكن أن تثري العمل البرلماني ، وتضيف الكثير من الفاعليات مع توسيع قاعدة الشورى ، باعتبار أن مشاركة المرأة يمكنها من التعبير عن قضايا الوطن ومطالب المواطن ، مما يجعل مجلس الشورى أكثر تعبيرا وقدرة على تمثيل أطياف المجتمع المختلفة ،خاصة أن النظام الأساسي للدولة لا يفرق بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات ، ولأنه بعد كل ذلك ، ليس من المعقول أن توجد إمرأة أو أثنتين فقط ضمن86 عضوا تحت قبة المجلس ،
وإن كان لهن بعض التتميز في كونهن عضوات خليجيات منتخبات في مجلس الشورى والتي أتت بهن صناديق الاقتراع الحر المباشر ، على الرغم من التحديات المجتمعية التي تواجه المرأة وهى تكمن في المقام الأول في العقلية الاجتماعية الجمعية في مجتمع ذكوري ، يصنع حواجز نفسية ، لا يمكن أن تستقيم مع التطورات والتحولات الاجتماعية والثقافية التي تولدت في عصر التقدم والتكنولوجيا ، وإن كانت هناك قطاعات مختلفة يقع عليها الدور في صناعة المرأة البرلمانية وانجاح دورها في ممارسة الشورى ، ومنها مؤسسات التعليم والاعلام والبرامج التوعوية والتثقيفية والاسرة والمجتمع ككل ، من خلال الإعداد المسبق طويل المدى والجيد ، قبل فترة طويلة من بدء الانتخابات ، وليكن من الآن لكسب ثقة الجمهور الرجالي والنسائي الذي يرغب في ان يرى نجاحات المرأة التي سيرشحها وفاعلية دورها في المجتمع وخططها وبرامجها واذا ما وصلت الى مقاعد المجلس