الشركات المتعثرة ..بين الإنفاق والإخفاق
محمد محمود عثمان
شركات القطاع الخاص المتعثرة التي فشلت في المحافظة على وضعها المالى أوالوفاء بالتزاماتها لدى الآخرين ، زادت بشكل ملحوظ ، وفي ذات الوقت لم تنجح لجان الصناعة بغرف التجارة والصناعة في تقديم الدراسات أو البحوث والمقترحات والحلول ، التي تشارك بها في الوصول إلى علاج هذه الظاهرة والتصدي لها ، والتواصل مع الجهات المسؤولة والمختصة قبل أن تتفاقم الأوضاع وتصل إلى الهاوية ، بل ربما لم تناقش الموضوع على الإطلاق كأنه لا يعنيها وكأنها لاتريد إنقاذ الشركات المتعثرة حقيقيا و التي تغرق أمامها ولم تقدم لها يد العون لتعويمها بدلا من أن تتركها للغرق ، لأن بعضها يحتاج إلى الترشيد وضبط النفقات غير الضرورية وتحديد الأولويات ، وزيادة التدريب وتحسين عمليات الإنتاج والتركيز على المنتجات الأساسية القادرة على المنافسة ، أو أنها تحتاج إلى السيولة التي تساعدهاعلى الاستمراروالتطوير،والتي يمكن تدبيرها من البنوك وشركات الاستثمار وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ، بل وتدخل الحكومات بما تملك من احتياطيات، لأنه بدون الإنفاق فالنتيجة الحتمية هي الإخفاق ، ولعلنا نعي تلك المعاني التي تحبذ سياسة “الإنفاق بدلا من الإخفاق” لتعويم المتعثرين إنقاذا للقطاع الخاص من السقوط
فالشركات المتعثرة تعاني من أمرين الأول: تدهور في موقفها المالي لفقدان الموارد وزيادة الديون وتقلص الأرباح ووجود فساد مالي والثاني :انحدارفي مستوى الإدارة وضعف الرقابة الداخلية أو الخارجية من سوق المال ، ولا سيما مع إمكانية وجود تلاعب في الميزانيات الختامية بمعرفة شركات التدقيق ومكاتب المحاسبة غير الأمينة ،التي تسهل لبعض الشركات – بالاتفاق مع الإدارات – تسوية الأرباح وزيادة الخسائر والنفقات للتهرب من الضرائب المستحقة وكذلك لطلب المساعدات و الإعفاء من الديون أو جدولتها ، أو كمقدمة لإعلان الإفلاس للتهرب من الالتزامات قبل الآخرين
الأمر الذي أدى إلى السفه في الإنفاق وعدم الترشيد والتخبط وسوء التخطيط ، وكذلك اللجوء المتواصل إلى الاقتراض مما يستنزف موارد الشركة وإلى تواصل ارتفاع وضخامة المصاريف الإدارية وعدم القدرة على مواجهة التحديات ، والعجز عن الوفاء باحتياجات العملاء وعدم القدرة على التواصل مع الأسواق المستهدفة والفشل في عمليات التسويق والترويج التي بدأت تركز في التسويق على وسائل التواصل الاجتماعي – الأسرع انتشارا والأقل ثقة ومصداقية عند الكثير من الفئات في القطاعات الاقتصادية – والاكتفاء بها كبديل عن الاعلانات في المطبوعات الورقية التقليدية الأكثر ثقة بين القراء، ما ينعكس سلبا على وضع الشركات وأسهمها في سوق المال إذا كانت مدرجة في البورصة ، وهذا يسبب الأضرارالخسائرلحاملي الأسهم ، كما أن الاستمرارفي تدهورالشركات يؤثر بالقطع على دور القطاع الخاص ومدى قدرته على مشاركته في عمليات التنمية المستدامة ورفد الدخل القومي
وهذا يتطلب استبعاد القيادات الإدارية للشركات المتعثرة في الوقت المناسب ،قبل تفاقم المشاكل المالية والإدارية لأن عمليات التعثر لم تحدث فجأة أو بين يوم وليلة ، لأن هناك مقدمات ومؤشرات تدل على انحدار الشركة إلى مرحلة التعثر، مثل القصور في إعداد الدراسات الميدانية ودراسات الجدوى الاقتصادية ،أو تعيين إدارات غير مؤهلة ، تفتقر إلى الكفاءة الإدارية والفنية الكفء القادرة، وكذلك يتطلب الأمر الحسم من الجهات الرقابية التي يمكن أن تتوصل إلى مجموعه من المؤشرات الدالة على أوضاع الشركات ، خاصة عندما تتدني الأرباح السنوية وعدم القدرة على التوسع في حصتها السوقية ونفص التدريب وعدم وجود الموازنات التخطيطية وكذلك قصور وضعف التحليل المالي لبنود الميزانية والأرباح والخسائر والتي لابد لها من أن تكشف بوضوح مجموعة من المؤشرات والمعايير التي تدلنا بان تلك الشركة في طريقها إلى التعثر بالإضافة إلى ضرورة مراقبة أداء مراقبي الحسابات التي تغطي بطريق أو آخر على مشاكل بعض الشركات -لأسباب مجهولة – ولم تفصح صراحة بشأن مستقبل هذه الشركات وما تعانيه من مشاكل أو ثغرات ، تؤثربالقطع على مستقبلها بالكامل ، و تحول في ذات الوقت دون كشف الخلل أو الفساد مبكرا لتلافي المخاطر أو علاجها أولا بأول ،وطرح فرص والنجاح بجانب إعادة الهيكلة الادارية والمالية وإيجاد قنوات تمويلية واستحدث ادوات وتشريعات جديدة تمكن المؤسسة من مزاولة نشاطها قبل الإفلاس بشكل كامل،أوخسارة كل شيء ، قبل استخدام آليات التصحيح و النصح والإرشاد والتحذير، من خلال الجهات الرقابة وهيئة سوق المال ، للسير من جديد على المسار الصحيح حفاظا على أموال وثروات المساهمين والمستثمرين