الشرق الأوسط .. هل يشهد حروب النفط أو المياه ؟
محمد محمود عثمان
الوطن العربي هو الأكثر تعرضاً لاحتمالات النزاعات والصراعات حول المياه إلى جانب أنه ساحة خصبة للصراع على النفط والغاز منذ أن تم اكتشافة خلال القرن الماضي ،وهذا ليس بجديد فقد تناول ذلك مؤتمر المياه والبيئة الذي عقد في مدينة دبلن في ايرلندا عام 1992م ، الذي أشار إلى أن انهار النيل والفرات والاردن سوف تكون حلبة لصراعات دموية حقيقية في المستقبل وأن المياه تستخدم كأدوات وكأهداف للحرب وأن محاولة السيطرة على المنابع والتحكم فيها أهداف استراتيجية لم يُكشف عن توقيتها بعد
وإذا كنا نعيش الأن حروب ناقلات النفط وتدخلات دولية للسيطرة على النفط والغاز العربي بداية من العراق ثم سوريا ولبنان وليبيا واليمن والسودان، وإن اختلفت درجات التدخل وتوقيته وأثر ذلك على اقتصاديات المنطقة بل والعالم
وكذلك النزاعات القائمة حول سد النهضة في أثيوبيا وتقاطع المصالح الدولية في هذه المنطقة، وتضرر الاقتصاد المصري الذي يعتبر مياه النيل مسألة حياة أوموت ، وكذلك التصعيد في النزاعات حول النفط السوري و الليبي وتكالب الدول الأجنبية عليه ، ناهيك عن نزاعات الغاز في شرق البحر المتوسط والتوترات الحالية ،
ويبقى الخيار الصعب أمام القوى الدولية وهو متى تبدأ الحرب ؟ وهل تبدأ بحرب المياه أو النفط ؟ وهي خيارات صعبة تحكمها الأطماع والتدخلات السافرة في مناطق الصراع، أو النقص الحاد في أي من هذه الموارد ، التي لا يملك أصحابها حولا ولا قوة سوى تحمل ويلات الحرب وتبعاتها الاقتصادية ، التى لايعلمها إلا من كابد خسائرها في الأرواح والأموال والعتاد ،فبعد اتفاقية كامب ديفد في نهاية السبعيات وبعد حرب أكتوبر 1973 ،أعلن الرئيس الراحل أنور السادات أن مصر لن تحارب إلا لحماية مواردها المائية ، خاصة أن معظم دول المنطقة على شواطيء الأطلسي إلى شواطيء المحيط الهندي تعاني من الفقر المائي ، ولديها اشكالية في ظل موارد مائية متناقصة، وضعف في قدرتها على تلبية الاحتياجات المائية المتزايدة طرديا مع زيادة السكان والمشروعات التنموية الجديدة ، والتأثيرات المناخية السيئة ، ولا سيما أن بعض الدراسات تشير إلى أنه مـع حلول سنة 2025، ستكون جميع الدول العربية تقريبا تحت خط الفقر المائي، في الوقت الذي تزداد فيه المطامع والرغبات غير المشروعة من تركيا في مياه دجلة والفرات، اللذين ينبعان في أراضيها وخططها الطموحة في بناء السدود ، وقد أفصحت تركيا صراحة عن رغبتها في احتكار المياه على لسان رئيسها التاسع سليمان ديميريل من “1993 حتى عام 2000” من أنه “لا حق لسورية أو العراق في المطالبة بحصة في الأنهار التركية، كما لا يحق لتركيا المطالبة بحصة من نفط سورية والعراق… يحق لنا أن نفعل ما نشاء، فمصادر المياه لنا، ومصادر البترول لهم. نحن لا نريد أن نتقاسم معهما ثروة البترول “، وإن كانت تركيا الآن لها مطامعها في الثرة النفطية وخاصة في سوريا وليبيا
وكذلك مطامع اسرائيل في مياه النيل ، والأدوار الخلفية التي تمارسها حول منابع النيل خاصة في أثيوبيا ومشاكل سد النهضة الحالية بين مصر وأثيوبيا ، وأيضا مطامعها في نهر الأردن وروافده، في فلسطين والأردن وسورية ولبنان، ولا شك أن ذلك من العوامل الداعمة للحروب ، في ظل الحلم القديم لإسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، والذي لن يتم تنفيذه على مراحل متعددة ، لذلك فإن حروب السيطرة على مصادر المياه قادمة لامحالة مع ازدياد حالة الجفاف وزيادة الطلب على المياه ، لتحقيق الأمن المائي بالاستحواذ على مصادر المياه الذي يعد من أخطر العوامل المؤثرة في عدم استقرار المنطقة ،لذلك فعلينا اليقظة إلى ما يدورظاهرا وباطنا في المنطقة من أدوار مشبوهة ومنها إشراف عدد من المهندسن والفنيين الإسرائيلين على مشروعات الري والسدود على النيل الأزرق في اثيوبيا لذلك وطبقا للابعاد الجيوسياسية نجد حرص الدول الكبرى على تأمين مصادر الطاقة التي تعد من أهم محفزات الصراعات على النفط والغارفي الشرق الأوسط ، تلك المنطقة المتخمة ببؤر الصراعات القابلة للانفجار في أي لحظة،نظرا لارتباطها بالصراع الأميركي—الإيراني بالقرب من مضيق هرمز ، الذي يسجل مؤشرات صعود وتراجع ، ثم تهدئه تلي الوصول إلى حافة الهاوية ، إلا أن معظم النار دائما تأتي من مستصغر الشرر ،الذي قد يتطاير من هنا أو هناك حتى ولو بدون قصد، لتشتعل نيران الحرب فجأة وبغير مقدمات.