رئيس التحرير

السياحة .. بين الأمنيات والإشكاليات 

بقلم :

محمد محمود عثمان

السياحة أصبحت من الصناعات التي تحتاج إلى متطلبات ومقومات  تجعل منها قاطرة التنمية الاقتصادية ، بعد أن عولت عليها الدول النامية الكثير في دعم الاقتصاد وزيادة الدخل وفتح مجالات وفرص عمل جديدة

   لكونها نشاطاً مركبا ومتداخلا مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية والأمنية  ، واعتبارها جزءا أساسيا وهاما من خطط التنمية المستدامة ، و توفر سبل العيش لملايين آخرين في كل من الدول المتقدمة والنامية، كما تعد أيضا قطاعاً رئيسياً في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، لذلك السياحة العالمية تساهم بنحو ثلث خدمات التجارة في العالم ، وتساهم بنحو 13% من إجمالي الناتج المحلي والعالمي ، وتستوعب أكثر من 130 مليون عامل على مستوى العالم ، و تؤدي دوراً بارزاً وفعالا في النمو الاقتصادي ، وتعظيم الموارد المالية ، لأنه وفقًا لمؤشرات منظمة السياحة العالمية،  تمثل السياحة واحدة من كل 10 وظائف في جميع أنحاء العالم،

ومع ذلك يتفاوت اهتمام الدول بهذه الحقائق حتى التي تملك الكثير من   الآثار والمقومات السياحية  الفريدة ،وعدم الاستفادة منها  ، وفقدت بذلك موردا قويا للدخل

ما يعد إهدارا للطاقات والثروات التي تؤثر سلبا على التنمية في الوقت الذي نجحت فيه الدول التي تفتقر إلى المقومات السياحية لأنها ركزت على الاهتمام بالتوعية السياحية لكل أفراد وفئات  المجتمع منذ المراحل الدراسية الأولى مع الاهتمام بانتقاء العاملين في هذا القطاع وإخضاعهم للاختبارات الصحية والنفسية والأمنية ، للتأكد من سلامتهم النفسية وقدرتم العقلة وتوازنهم الانفعالي  ومستواهم الخلقي،تجنبا لحدوث تجاوزات من خلال التعاملات اليومية مع السائحين  ، منذ أن يصل السائح  إلى المنافذ الحدودية وفي المطارات  وعند استخدام التاكسي أو المواصلات والمرافق العامة .

لأن سلوك هؤلاء ينعكس مباشرة على السائحين ومدى ثقتهم في المنظومة السياحية والأمنية  ، حيث تنعكس الانطباعات الإيجابية أو السلبية على مواطني دولهم ومن ثم تؤثر على القرار السياحي في اختيار الوجهة السياحية المفضلة لديهم .

لذلك نجد حدوث طفرات  سياحية هائلة وتحقيق عائدات قياسية في بعض الدول على الرغم من افتقارها للمقومات السياحية،

لأن  تصرف موظف في الأمن أو في استقبال الفندق أو سائق للتاكسي يتحرش بفتاة أو يخدش حيائها ولو نظرة أو بكلمة خارجة يعطي  أسوأ الانطباعات السلبية عن السياحة ، وهى إشكاليات قائمة ولا ينكرها أحد.

وهذا يفسر وجود  الفقر السياحي في بعض  الدول التي تتمتع بالكثير من المقومات السياحية المتميزة مثل جمهورية مصر العربية التي تمتلك ثلث آثار العالم وأحد عجائب الدنيا السبع وهى الأهرامات، إلى جانب المقومات  الطبيعية والشواطئ الممتدة على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط ، وانفرادها بمقومات سياحية دينية ، لم تستغل جيدا ، حيث  على أرض مصر  كلم الله سبحانه  وتعالى  البشر ممثلا في سيدنا موسى في الوادي المقدس طوى  بأرض سيناء  ،وبها أيضا مسار العائلة المقدسة والسيدة مريم وابنها السيد المسيح أثناء هروبهم من بيت لحم إلى مصر ، حيث  دشن  السيد المسيح بيده إحدى الكنائس القائمة للآن بدير المحرق في صعيد مصر، إلى جانب الأزهر المؤسسة الدينية الوسطية في العالم الإسلامي ، وهي مقومات سياحية تجذب كل فئات السائحين من كل الطوائف والأديان ، لم يتم  استثمارها  بصورة صحيحة لمضاعفة وتنوع عدد السياح القادمين إلى مصر من شتى بقاع الأرض ‘ نتيجة لسوء السلوك السياحي لقلة من الأفراد ، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة وضع الضوابط لاختيار العاملين في المواقع ذات الصلة بالأنشطة السياحية مع المتابعة والمراقبة المستمرة لإدائهم .

ولعل  تكون هذه الإشكاليات  الخاصة بإدارة السلوك السياحي في كل دولنا العربية التي تنشد الاستفادة من قطاع السياحة ،  محل دراسة سريعة  وأن تجد طريقها إلى أصحاب القرار، حتى لا نبقي في أماكننا بدون تقدم للأمام أو أن يجرنا ذلك للخلف والتخلف ، ونصنع بأيدينا إخفاقات على مستوى التنافسية،  ونضع عقبات  أمام التدفق السياحي ، ونخسر بذلك حصة كبيرة من سوق السياحة العالمية.

هذا إذا أردنا النجاح في تطوير صناعة السياحة العربية ، بعيدا عن الندوات او المؤتمرات ،وحتى لا تظل رسائلنا  في حيز الأمنيات التي لن تتحقق ، حتي يأتي الله بأمر كان مفعولا .

====================

*mohmeedosman@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى