الرسالة التي لن تقرأها أمي
أمي…
حبيبتي ونور عيوني وبهجة الروح والقلب…
كم أفتقدك أيتها الغالية منذ رحلتي عن دنيانا قبل 18 عاما في صمت، رافعة أكف الضراعة إلى خالقك -بينما ملائكة الموت يعالجون روحك النورانية ويستلونها من جسدك الطاهر- بأن يحفظني الله بعنايته ويكرمني بكرمه، فيحقق أحلامي ويحبب في خلقه أجمعين..
هل تعلمين يا أمي أنني لا أزال أركِ في جنبات بيتنا القديم، أسمع صوتك يناديني، وأنفاسك تملأ المكان عطرا وعبيرا، وضحكتكِ الصافية تدوي في كل مكان.. هل تعلمين أنني حينما أقف على باب قبرك زائرا ومسلما أكاد أقتنع بأنك لست هناك وأنك لا تزالين بيننا، تعطفين علينا وتضميننا إلى حنانك، ويلهج لسانك بالدعاء لنا ليل نهار..
هل تعلمين أنك أحب نساء الدنيا إلى قلبي، أبتهل في صلواتي أن يجمعني الله بك في مستقر رحمته وفردوسه الأعلى، وأعيش معك في مناماتي -وكأننا في دار الدنيا- أجمل لحظاتي..
حبيبتي..
تظل هديتي لك حائرة لمن أعطيها وليس في الوجود امرأة تساويك عقلا، وحكمة، وحبا، وحنانا، وتسامحا، وكرما، وخلقا، وبرا، ولم لا وأنت سر من أسرار وجودي وقبس من نور خالقي جل في علاه..
فتشت – لا أخفيكِ سرا- عن امرأة مثلك فأعياني البحث ورجع إلى صدى صوتي النابض بحبك ليقول لي إنها “حبيبة” واحدة ليس مثلها أي حبيبة..
تقبلي مني صالح دعائي وابتهالي بأن يجازيك الله عن تربيتنا خيرا وعن طاعتك لأبي جنة عرضها السماوات والأرض، وأن يجعل منزلتك مع سيدات نساء أهل الجنة خديجة ومريم وفاطمة وآسيا..
هديتي لك هي شوقي إلى أحضانك في الفردوس الأعلى ليهدأ قلبي الذي ما يزال يرتجف منذ غادرت حياتنا إلى جوار ربك..
وفي الختام.. أقول لك: موعدنا عند رب راض عنا غير غضبان، يكلؤنا بعنايته ويمتعنا بجنته، ويكتب لنا لقاء ليس بعده فراق أبدا..