أخبار عاجلةأراء ورؤىرئيس التحرير

التوعية ضد الجرائم الإلكترونية .. ضرورة حتمية

 محمد محمود عثمان

أأساليب ارتكاب الجرائم الإلكترونية  تسبق التكنولوجيا  وتطور من نفسها بمعدلات أسرع وأقوى من الشريعات المالية ومن التقنيات الحديثة  بدليل كثرة عمليات الاحتيال واستمرارها  واستحداث  جرائم جديدة تستخدم البريد الإلكتروني وتسطو على البيانات البنكية ، بدون رادع قوي ،وينتج عنها خسائر مالية باهظة  تتكبدها الشركات والبنوك والأفراد ومن ثم الاقتصاد القومي ، لأنها أموال منهوبة لا تدخل في منظومة الاستثمار أو العمل والإنتاج

وهذا يتطلب تكثيف الحملات والبرامج التوعوية والدورات التدريبة للعاملين في المجال المصرفي ولجمهور المتعاملين في هذا المجال للتصدي لجرائم الاحتيال الالكتروني  والتذكير بها دوما

وإذا كانت التطبيقات التكنولوجيا المصرفية الحديثة متهمة باستخدام أشكال جديدة و أساليب متنوعة ومبتكرة لوسائل الدفع وتقديم الخدمات المصرفية ، وتوفير الأدوات المالية، وأصبحت  هذه الإبتكارات وإن كانت  تتمتع بالقدرة على تقديم الكثير من المزايا، من تحسين الكفاءة إلى خفض التكاليف، وسهولة  الوصول إلى الخدمات المصرفية المتنوعة ، ولكن بعضها يحمل في الوقت ذاته ،تهديدا للاستقرارالمالي، بسبب سهولة اختراقها وصعوبة  الرقابة عليها من قبل السلطات المختصة ، أو أمن المعلومات

لأن الجرائم السيبرانية من أكثر عمليات التزوير أو الجرائم الاقتصادية إثارةً للاضطراب والمخاوف، نظرا لتأثيرهاعلى تزايد عمليات  النصب والاحتيال وغسل الأموال وتمويل الإرهاب العابر للحدود ، التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة، ما يشكل هاجساً مقلقاً للجميع ، مع تفاقم عمليات القرصنة البنكية الممنهجة خاصة أن  المخاطر تتزايد بشكل كبير وفقا للتقارير الدولية التي تقدر حجم  خسائر العالم من جراء الهجمات الإلكترونية بنحو 23  تريليون  دولارفي عام 2020 ،   باعتبار أن  الجرائم الإلكترونية – التي تتطور بشكل سريع – تعد من أخطر التهديدات التي تواجه معظم دول العالم ، لأن هذا النوع من الجرائم يكلف الاقتصاد العالمي ما يزيد عن 400 مليار دولار سنويًا ، وتقدر خسائر منطقة الشرق الأوسط بأكثر من مليار دولار، لذلك تعتبرعمليات التوعية  بالأمن المعلوماتي عنصراً حيوياً من عناصر سلامة العمل المصرفي

وبات على العاملين والمتخصصين  في الحقل المالي والمصرفي  إبتكار أساليب للكشف المبكروالمواجهة والحماية اللازمة التي تواكب هذا التطور التكنولوجي غير المسبوق في مثل هذه الجرائم ، التي غزت عالم الأعمال ، وما واكبها من   ثغرات و خرق هذه النظم، ذلك لأن قراصنة المعلوماتية يعمدون إلى إبتكار أساليب جديدة من عمليات الغش والتزوير والاحتيال ، تسبق الاحياطات والإجراءات الأمنية المتبعة أو التقليدية  ،لأنها  تعتمد بشكل أساسي على الاستفادة من  تكنولوجيا المعلومات ، وبات على العاملين والمتخصصين  في الحقل المالي والمصرفي  إبتكار أساليب الكشف المبكروالمواجهة والحماية اللازمة التي تواكب  هذا التطور التكنولوجي غير المسبوق، لذلك على المعنيين بالأمن السيبراني تكثيف الجهود لإعداد وتأهيل  الكوادر الوطنية القادرة على تحمل هذه المسؤولية في المرحلة القادمة ، التي تحمل الكثير من التحديات التقنية سريعة التطور ، نظرا لخطورة  الجرائم  التي قد تنجم عن الحوادث الأمنية أو القرصنة الإلكترونية أو جرائم الحاسوب التي تستهدف أمن تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات المصرفية والمالية ،وتعريفهم بأحدث التكنولوجيات والاجراءات والوسائل التي يجب إتخاذها لحماية نظم المعلومات في المؤسسات المالية والمصـرفية، ورفع كفاءة المؤسسة في مواجهة التحديـات والأخطار التي يمكن أن تواجهـهـا، لأن كلنا يعلم مدى  التأثيرات السلبية لذلك  على المصارف وعلى أسواق المال والتجارة ، وعلى الاستثمار والمستثمرين وعلى المناخ الاقتصادي بوجه عام، بعد أن شاعت في المجتمعات المعاصرة ، الجرائم المالية خاصة المرتبطة بالفساد، وتنوعت الجرائم ما بين الاختلاس المباشرو الرشاوى والاعتمادات البنكية المزيفة والسرقة والاحتيال والنصب ، وكلها أشكال تندرج تحت الفساد والإضرار العمد بالمال العام والخاص ،وكذلك على البنوك أن تؤكد على إجراءت التحوط والحذر ومدى كفاية الضوابط وكفاءتها للعمليات المالية والمصرفية ، واختبار مدى قوة الاجراءات الأمنية المتبعة لتأمين التطبيقات الحديثة ومعرفة  نقاط الضعف والتهديدات وأنواع الهجمات وأساليبها التقنية ومعرفة الجهات التي تسعى لذلك ومصادرها ، حتى تتمكن من  خلق وإدارة نظام عمليات أمنية ووقائية لحماية تكنولوجيا المعلومات وكيفية الدفاع والردع ضد الهجمات الإلكترونية ,”الهاكرز ” من أي نوع وفي ظل انتشار استخدام العملات الرقمية وعلى رأسها “بيتكوين” التي يتم تداولها دون وسيط أو رقيب أو معلومات تفصح عن هوية المتعامل الشخصية مما يجعلها تتمتع بالسرية  ، و استحالة تتبع عمليات البيع والشراء أو مراقبتها أو التدخل فيها مما  يحد من سيطرة المصارف على تلك المعاملات،ويزيد في الوقت ذاته من المخاوف والمخاطرمن عمليات القرصنة الحديثة ، والابتكارات المستقبلية في هذا المجال، التي تفرض تحديات كبيرة تتطلب وجود آليات وإجراءات مواجهة صارمة وحاسمة أكثر تطورا وأكثر  سرعة  وأكثر ذكاء من الأجهزة والمخترعات الذكية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى