الاستثمارات .. والتعافي الاقتصادي
محمد محمود عثمان
الاستثمار في أوقات الأزمات وفي ظل التقلبات المتتالية في الأسواق ،العالمية يحتاج إلى خطط ودراسات تحقق الحماية من المخاطر وتجنب الأزمات ،مع حزم من المحفزات والتسهيلات والضمانات ، للاستفادة من الفرص المتاحة وفق اسس ومباديء واضحة تقوم على التنوع ، بحيث لا نضع كل البيض في سلة واحدة ،وهو ما يعني أهمية تنويع الاستثمارات ، لمواجهة تزايد احتمالات المخاطر بنسب أكبر ، ولكن لا نجعل ذلك قيدا على حرية الحركة أو التفكير في المستقبل خاصة أن الجميع يعيش الأزمة وتوابعها ، ولا أحد يعلم متى تنتهى أو متى نتنفس الصعداء، ووباء كورونا جاسم على الاقتصاديات العالمية ، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ متى نعود إلى بداية التعافي الاقتصادي ، والا نظل نعيش في رؤية سوداوية لآ يعلم إلا الله متى تنقشع ، لذلك فالحذر مطلوب إلى أقصى درجة ، تحسبا من موجات “توسنامي كورونا ” الارتدادية ، خاصة أن المنطقة العربيّة لن تكون بمنأى عن آثارهذه الموجات المدمّرة ، التي تتفاقم مضاعفاتها بتذبذب وهبوط أسعار النفط ، واستنزاف معظم الاحتياطيات النقدية في الحفاظ على صحة المواطن وفي الإجراءات الاحترازية التي تتخذ لمواجهة جائحة كورونا ، وما تبع ذلك من توقف دوران الإنتاج والأنشطة في كل القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية بالحكومة والقطاع الخاص ،بالإضافة إلى توقف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، بعد أن تأثرت بشكل سلبي كافة القطاعات واتجاهات الاستثمار نتيجة لتلك الأزمة،
وإن كانت الظروف والمتغيرات الدولية تفرض أداء جديدا وفق استراتيجية واضحة ومرنة في ذات الوقت ولديها القدرة والرؤية على تقييم المخطر والقدرات المالية والعائدات المتوقعة على المدى القريب والبعيد، لأن مشاكل الاستثمار تبدأ من عدم تحديد الأهداف الاستثمارية ووضوحها ، ولاسيما بعد تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الذي سجل انخفاضًا عالميا بحوالي 45% في عام 2020حتى الآن ، طبقا لتقارير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا” الأسكوا “
وعلينا أن ندرك جيدا أن الاستثمارات سوف تتجه تلقائيا صوب الأسواق الأقل تأثراً والأكثرثباتاً وصموداً أمام موجات الاضطراب السياسية والاقتصادية المتتالية، التي أثرت سلبا على الاقتصاد في مناطق كثيرة من العالم
لأن رأس المال في كل زمان ومكان يبحث دائما على الملاذالاستثماري الآمن ، ومن هنا فمن الضروري أن تُعد الدول نفسها للحصول على أكبر حصة من كعكة الاستثمارات العالمية ، حتى تتمكن من التعافي الاقتصادي السريع القائم على مبادئ و أسس اقتصادية وعلمية ، تتوخى الحذر عند التعامل مع أسواق الاستثمار المختلفة ، تحسبا من التقلبات السريعة للأسواق في أوقات الأزمات المالية ،وبداية من امتلاك قاعدة المعلومات الرقمية عن المشروعات الصناعية والاستثمارية المدرجة على خريطة التنمية الاقتصادية ، ودراسات الجدوي الخاصة بها ، وحزم المحفزات الاستثمارية الجمركية والضريبية ، والتشريعات المتطورة لسرعة حل المنازعات وانتقال الأرباح ورؤس الأموال ،وإجراءات التحكيم السريع ،والقضاءالحازم والناجز والعادل، وتفعيل المواثيق الدولية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق العمال المهاجرين وأسرهم،
ومنظومة الإعلام الواعي والفاهم والمتخصص والمؤثر، الذي يتصدى للفساد والبيروقراطية ، ويسلط الأضواء بموضوعية على السلبيات بشكل مهني غير مبالغ فيه، لتكوين الثقة والمصداقية ،إلى جانب الشفافية والإفصاح والرقابة الصارمة والمرنة ،
وكذلك الضمانات الحكومية والمشروعات المشتركة ،إلى جانب معلومات سوق العمل ومدى الانتظام واستقرار الأيد العاملة ، ومدى توافرها بمستوى المهارات الفنية العالية طبقا للمعايير الدولية ، التي تعززبيئة العمل واحتياجاته الفعلية ،في كل المهن والوظائف الدنيا والعليا والمتخصصة والثرية بالخبرات والكفاءات الفنية والإدارية
والإعلان عن خريطة الاستثمارات الجديدة ودراسات الجدوى ومدى جاهزيتها ومراحلها ومصادر التمويل المتاحة والتسهيلات الممكنة ، التي تحقق التوازن والثقة في السوق ، وعن المدخلات المتوفرة من المواد الأولية المحلية الخام التي تحتاجها المشروعات الصناعية والاستثمارية ، وفق الخطط التنموية المعتمدة ، التي يجد فيها المستثمر ضالته للحفاظ على قيمة الاستثمارات وتجنب الخسائر ، وهذه أهم العناصر التي يبحث عنها أصحاب رؤوس الأموال، في ظل تلك الحالة من الركود والضبابية التي تسود المشهد الاقتصادي العالمي وأن تنجح الدول في غزواسواق المال والأعمال خاصة في أوروبا والصين والتواصل مع مؤسسات المال والنقد العالمية التي يمكن أن تسهم بقدر كبير في دعم هذه الخطط تمويليا ومعنويا،وهذا ما نؤكد عليه دائما ، حتى نصل إلى مرحلة التعافي الاقتصادي الحقيقي .