الإقامة المميزة بالسعودية .. المسمار الأول في نعش الكفيل العربي
محمد محمود عثمان
اتخذت المملكة العربيةالسعودية خطوة اقتصادية جرئية تأخرت كثيرا . ولكن أن تأتي متأخرا خيرا من ألا تأتي على الإطلاق وأول الغيث قطرة كمايقال ، وإذا كان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ، فإن موافقة مجلس الشورى السعودي على مشروع نظام الإقامة المميزة التي تلغي لأول مرة نظام الكفيل كلياً، لذلك فهى من أهم الخطوات التي تعد المسمار الأول في نعش نظام الكفيل العربي الذي واجه بانتقادات متعددة في كل المؤتمرات والمنتديات الدولية منذ عدة عقود ، وسط مطالبات دولية بإلغاء هذا النظام سيء السمعة الذي يسيء إلى مباديء الدين الإسلامي الحنيف وسماحته والذي يضر باقتصاديات الدول المطبقة له ، ويعود بالحياة الاجتماعية العربية إلى عصور الجاهلية ونظام الرق والعبودية الذي قضى عليه الإسلام بكل الطرق، وهذا ما تطرقنا إليه في عشرات المقالات في صحف ومجلات عربية ودولية مختلفة، وعلى مدار 20 عاما ، حيث أن نظام الإقامة المميزة بالسعودية يعد انفتاحا جديدا على العالم بفكر متطور يخدم القطاعات الاقتصادية ويرفدها بالخبرات والاستثمارات ، بالإضافة إلى القضاء على عمليات التجارة المستترة . ويمنع متاجرة الكفيل في المأذونيات أو جلب عمال بدون الحاجة الفعلية إليهم ، و استخدامهم للعمل بمقابل لدى الغير، الأمر الذي يضاعف كل يوم من أعداد الأيد العاملة السائبة في الأسواق،
وهذا النظام يمنح حقوقا وامتيازات للأيد العاملة الوافدة تسهم في استقرارها وتقوي انتمائها للبلد التي تعمل به ، وتقلص كثيرامن حجم التحويلات الخارجية وتدعم توطين الكوادر والخبرات الفعلية التي يحتاجها السوق، ويتوافق من مبادئ ومواثيق منظمة العمل الدولية التي تعني بحقوق العمالة المهاجرة والتي تقضي بمنح العامل الذي استمر في العمل من أربعة إلى ست سنوات إقامة دائمة بالإضافة إلى الجنسية ،ويمنح النظام الجديد في السعودية المقيم مزايا منها الإقامة مع أسرته واستصدار زيارة للأقارب واستقدام العمالة وامتلاك العقار وامتلاك وسائل النقل ، وممارسة الأعمال التجارية وفق ضوابط محددة وغير ذلك، ويتضمن النظام دفع رسوم خاصة تحددها اللائحة التنفيذية ،ورؤية السعودية في ذلك أنها تحقق وفرا بقيمة 10 مليارات دولار سنوياً،و خفض تحويلات الأجانب إلى الخارج ،إلى جانب ضخ استثمارات ورؤوس أموال وصناعات جديدة تمثل قيمة مضافة للاقتصاد السعودي ومن ثم إلغاء نظام الكفيل ، وهى المرة الأولى التي يتم التطرق فيها بصوت عال وبصراحة إلى هذا الموضوع الشائك التي تتحفظ عليه معظم الدول الخليجية وتتجنب حتى مناقشته باعتبار أن ذلك شان داخلي لكل دولة ، حتى في ظل تيارالعولمة التي اجتاحت العالم منذ سنوات ، وهو تيارلا يمكن الصمود أمامه كثيرا في ظل التحولات والمستجدات والمتغيرات والضغوط الدولية المتكررة على دول الخليج ، خاصة أن ذلك يؤدي على المدى البعيد إلى تدخلات إقليمية ودولية في الشؤون الداخلية من الدول المصدرة للأيد العاملة مطالبة بحقوق مواطنيها وتطبيق القوانين والتشريعات الدولة التي تنظم حقوق
وولكن الأمر الذي قد يحتاج إلى مراجعة هو بعض الشروط التي أعلنت عنها السعودية لمنح الإقامة المميزة التي تطلق عليها ” جرين كارت ” هو شرط الملاءة المادية للمتقدم التي لم تحدد ضوابطها أو حدودها حتى لايستفيد منها فقط أصحاب الأموال والمستثمرين ، كما لم تحدد الشروط عدد سنوات الإقامة النظامية بالسعودية للمقيمين ، وهل هى لمدة إقامة متصلة أو منفصلة للحصول على “الجرين كارد السعودي “، وباقي الشروط عادية، مثل وجود جواز سفر ساري المفعول، و ألا يقل عمر الحاصل على الإقامة المميزة عن 21 عاماً ، كذلك تتطلب سجلاً جنائياً خالياً من السوابق،بالإضافة إلى تقرير صحي يثبت خلو المقيم من الأمراض المعدية ، ولا شك أنها خطوة رائدة وجيدة تحرك الماء الراكد في سوق العمل العربي ، ونأمل أن تكون المملكة العربية السعودية نموذجا يحتذى به – مع تطويره للأفضل إذا اقتضت الضرورة – في كل دول الخليج العربي.
————————-
*mohmeedosman@yahoo.com