الإحالة قبل الإزالة ..للمباني المخالفة في مصر
محمد محمود عثمان
إجراءات تصحيحية في قطاع المباني في جمهورية مصر العربية تأخرت كثيرا حيث استشرى الفسادالإداري في المحليات التي أقيمت تحت أعينها أو بتغافل ،منها الكثير من ناطحات السحاب المخالفة متحدية الجميع وحتى القانون في مقدمتها ، لانه لايكمن بناء تلك المباني في ليلة أو ضحاها أو بدون أن يشاهدها أو يلاحقها أحد من المسؤولين في الإدارات الزراعية وإدارات الاسكان والإدارات الهندسية وأجهزة حماية الأراضي الزراعية بمجالس المدن وبالمحافظات وعلى راسهم المحافظون ورؤساء المدن والقري الذين يتحملون مع المخالفين تبعات إهدار ثروة مصر من الأراضي الزراعية ، حتى تحت أعين الجهات الشرطية ولا شك أن من بين هؤلاء الكثير من آلاف الشرفاء والملتزمين بضوابط وشروط البناء وتنفيذ القانون بشكل صحيح ، وفي المقابل هناك عشرات الفاسدين والمرتشين الذين تم ضبطهم بواسطة الجهات الرقابية ، بخلاف الذين نجوا من الضبط، باتخاذهم إجراءات وطرق احترافية للهروب من الجريمة تجعل من الصعب مراقبتهم أو ضبطهم، على الرغم من ظهور علامات الثراء المفاجئ عليهم ، والتى لا تتناسب مع دخولهم،أو تتوافق مع إقرارات الذمة المالية المقدمة منهم عند وضعهم في هذه الوظائف، بعد أن استثمروا مناصبهم ووظائفهم في الإثراء غير المشروع ،من خلال الفساد والرشاوي والمصالح المتبادلة مع بعض رجال الأعمال والمستثمرين المحترفين في استغلال أملاك الدولة
وشجهعم على ذلك تراخي الجهات ةالإدارية في تنفيذ قرارات الإزالة للمباني المخالفة التي خلقت أوضاعا مستقرة، وانتقالا للملكيات،وترك ذلك مقابل فرض أتوات على المخالفين وابتزازهم ، ولكن ما بني على باطل فهو باطل طبقا للقواعد القانونية المستقرة ولا يعتريها التقادم خاصة ما يتعلق بأموال الدولة
لأن مصر تعيش منذ آلاف السنين حول شريط الأراضي الزراعية الضيق والممتد على ضفاف النيل بدون إضافات جديدة ذات قيمة للرقعة الزراعية من عمليات استصلاح الأراضي في المناطق الصحراوية حتى أن 39% من الكتلة العمرانية في مصر تحولت إلى مبان مخالفة ومناطق خطرة وغير مخططة ولا آمنة، والغريب أنها تمت خلال عشرات السنين بدون إجراءات حاسمة وقاطعة للحد من هذه التعديات ، بل كانت الحكومة والحزب الوطني الحاكم يساعد على ذلك في الانتخاباب البرلمانية لإرضاء الناخبين لاختيار مرشحي الحزب ، حتى أن الانتهاكات طالت املاك الدولة بخلاف الأراضي الزراعية الخصبة، التي تتآكل عاما بعد عام ، وهى من مصادر الدخل الرئيسية في الاقتصاد القومي ،لذلك فإن الاجراءت التي اتخدتها السلطات المصرية في مواجهة هذا التحدي ، من أهم الضوابط التنظيمية التي تحمي هيبة الدولة وتحافظ على رقعة الآراضي الزراعية ولكن الخطيرهوعدم الاستفادة من الأبنية المخالفة والتي لاتوجد خطورة منها بعد التأكد من سلامة عملية البناء وفق الرسوم الهندسية وآراء الخبراء والمتخصصين ، وذلك بمصادرتها للصالح العام ومحاسبة أصحابها وإحالة من سمح لهم بعمليات البناء إلى المحاكمات العاجلة ، حتى ولو كانوا قد تركوا الخدمة إذ يستوجب الأمر “الاحالة قبل الإزالة ” وهذا شعار نؤكد عليه للمحافظةعلى مواد البناء التي استخدمت في هذه المباني لأنها ثروة لا يجب أن نهدرها بسهولة ، لأنه قبل الإزالة علينا أن نفكر هل من الممكن استفادة الدولة منها أم لا ؟ لأن الأمر لايحتاج سوى تشريع سريع يبيح مصادرتها لحساب الدولة أواستخدامها لحل مشكلة الإسكان أو لتسكين سكان المناطق العشوائية أو مساكن جامعية للطلاب أو بيعها في المزاد لزيادة موارد الدولة أو استخدامها كأبنية حكومية ، حتى لا يكون تطبيق القانون عقبة في سبيل المحافظة على المواد الأولية التي واستنفدت في البناء والتسليح, وبعض هذه المواد تم استيراده بالعملات الصعبة وكلف ميزانية الدولة الكثير، ، ثم تهدر في لحظات الهدم والازالة ، لأن الهدف من القانون هو تحقيق الصالح العام وصالح المجتمع وليس مجرد إنزال العقاب على المخالفين
ومصر تعيش في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وأزمة سكنية خانقة، تتطلب سرعة وقف إجراءات الهدم أو الإزالة والإبقاء على ما يصلح من هذه العمارات والأبراج وما يتوافق مع الشروط و مواصفات البناء المعتمدة لاستخدامها للصالح العام بدلا من إهدار الملايين التي أنفقت عليها من أمول الشعب الذي يعاني من جباية الضرائب ويئن من الغلاء ومن التضخم،
وأن تقنن التشريعات لتؤول ملكيتها إلى الدولة للمنفعة العامة , وحتى لا يستفيد المخالف من مخالفته في حالة عدم الإزالة، و حتى يتم القضاء على بؤر الفساد من المرتشين والراشين في قطاع المحليات والإسكان، و أن نطبق شعار ” الإحالة قبل الإزالة “